انقسام الزعامات الدرزية في السويداء.. من هم؟ ومن يقود المواجهة؟

تتفاقم الأزمة في محافظة السويداء السورية مع تصاعد الاشتباكات المسلحة، وسط انقسام حاد بين الزعامات الدينية المعروفة بـ"شيوخ العقل" داخل الطائفة الدرزية، في ظل تداعيات سقوط نظام بشار الأسد وصعود أحمد الشرع إلى الحكم.
ويكشف هذا الانقسام هشاشة العلاقة بين الطائفة الدرزية والحكومة السورية الجديدة، ويفتح تساؤلات كبرى حول مصير السلاح، والتمثيل المحلي، وتوازن القوى في الجنوب السوري.
الانقسام يفتك بوحدة القرار الدرزي
تباينت مواقف شيوخ العقل الثلاثة يوسف جربوع، حكمت الهجري، وحمود الحناوي تجاه الحكومة الجديدة في دمشق، خاصة في ما يتعلق بملف تسليم السلاح ووقف العمليات العسكرية، وهو ما ساهم في تعميق حالة الانقسام داخل السويداء وأضعف موقف الطائفة كقوة موحدة في مواجهة ما تصفه بعض الأطراف بـ"محاولة فرض السيطرة بالقوة".
يوسف جربوع: رجل التسويات
ينتمي الشيخ يوسف جربوع إلى عائلة عريقة تولت مشيخة عقل جبل العرب منذ ثلاثة قرون، وقد عُرف بمواقفه التي تميل إلى التسويات ووقف التصعيد.
بعد اشتباكات دموية، أعلن عبر الإعلام الرسمي التوصل إلى هدنة مع دمشق تشمل وقف العمليات العسكرية وإنهاء مظاهر التسلح العشوائي.
كما دعا إلى تشكيل لجان مراقبة محلية بالتنسيق مع الحكومة، وتفعيل مؤسسات الدولة داخل السويداء، مع الانفتاح على الإدارة الذاتية الكردية لتحقيق رؤية "متجانسة" لمستقبل سوريا.
حكمت الهجري: صوت المقاومة
على النقيض، يقود الشيخ حكمت الهجري تيارًا أكثر تشددًا واستقلالية. وقد رفض علنًا اتفاق الهدنة مع الحكومة السورية، مؤكدًا ضرورة "الاستمرار في الدفاع المشروع وتحرير السويداء من العصابات"، على حد وصفه.
الهجري الذي سبق وطالب بتدخل دولي لحماية الدروز، يرى أن تسليم السلاح دون إرادة شعبية يمثل خيانة، ويصر على أن اللامركزية الديمقراطية هي السبيل الوحيد لتنظيم العلاقة مع دمشق، وليس الانصياع لأوامر السلطة المركزية.
حمود الحناوي: الوسطي الغائب عن المشهد
يعرف الشيخ حمود الحناوي، المعروف باعتداله ودعوته الدائمة للحوار الوطني، فضل البقاء على الهامش في الأزمة الأخيرة. كما يرفض الحناوي العنف والتسلح خارج مؤسسات الدولة، وينادي بضبط السلاح وحماية المدنيين من خلال توافقات محلية لا تتبع للأجهزة الأمنية.
لم يصدر أي موقف رسمي له بشأن الأحداث الأخيرة، خاصة بعد خضوعه لعملية جراحية ما زال يتعافى منها.
ماذا يجري في السويداء؟
تشهد السويداء تشهد أعنف مواجهات داخلية منذ اندلاع النزاع السوري، حيث سقط أكثر من 300 قتيل في اشتباكات بين الفصائل المحلية والعشائر، على خلفية قضايا متشابكة تتعلق بالسلطة والسلاح والهوية.
عقب ذلك، دخل الجيش السوري المدينة تحت غطاء وقف إطلاق النار، لكن مصادر إسرائيلية اتهمت دمشق بـخرق التفاهمات، مؤكدة أن الجيش السوري أدخل أسلحة ثقيلة رغم التنسيق المسبق مع إسرائيل.
وردًا على هذه التطورات، شهدت دمشق غارات جوية غير مسبوقة استهدفت مقار سيادية، بينها وزارة الدفاع والقصر الرئاسي، إضافة إلى ضربات جوية في السويداء ومناطق أخرى من الجنوب.
وبين أصوات تدعو للهدوء والتفاوض، وأخرى تطالب بالمقاومة ورفض أي تنازل، يجد سكان السويداء أنفسهم وسط مشهد سياسي وديني متشظٍ، في وقت تتراجع فيه قدرة الحكومة الجديدة على فرض استقرار دائم.
هذا الانقسام بين شيوخ العقل لا يهدد فقط وحدة الطائفة الدرزية، بل قد يكون نقطة تحول خطرة في مسار الجنوب السوري كله، وربما ينذر بمرحلة صراع داخلي أكثر عمقًا وتعقيدًا مما سبق.