نظير عياد: الفتوى مسؤولية عظيمة تتطلب علمًا وفهمًا للواقع

أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، أن الفتوى ليست مجرد حكم شرعي يُستخرج من الكتب الفقهية، بل هي أداة لتبيين الأحكام التي تحقق المقاصد الكبرى للشريعة الإسلامية، وتخاطب الواقع المعاصر باحتياجاته وتحدياته، معتبرًا أن منصب المفتي أو صفة "عالِم" ليست تشريفًا بقدر ما هي أمانة ومسؤولية عظيمة تتطلب علمًا، وورعًا، وفهمًا دقيقًا للواقع.
دار الإفتاء قبلة لطلاب العلم ومثال للانفتاح
وخلال حواره مع الإعلامي شريف عامر في برنامج "يحدث في مصر"، المُذاع على قناة MBC مصر، أشار "عياد" إلى أن دار الإفتاء المصرية أصبحت نموذجًا يُحتذى به على المستويين المحلي والدولي، إذ تمكّنت من أن تتحول إلى قبلة لطلاب العلم والباحثين عن المعرفة، بفضل ما تمتلكه من رصيد علمي وتاريخي، وما تبذله من جهد في التأصيل الفقهي الرصين المرتبط بواقع الناس.
الفتوى الرقمية والتفاعل مع العصر
وأوضح مفتي الجمهورية أن الانفتاح على الوسائل الحديثة والتعامل مع متغيرات العصر يعدّ من أهم تجليات تجديد الخطاب الديني، وهو ما أدركته دار الإفتاء مبكرًا. وقال: "نحن لا نغضّ الطرف عن التطورات التكنولوجية، بل نتابعها ونتفاعل معها، إيمانًا بأن التواصل مع الجمهور يجب أن يكون بلغتهم وأدواتهم".
وأشار إلى أن دار الإفتاء كانت من أوائل المؤسسات الدينية التي اقتحمت الفضاء الرقمي، واستثمرت في تقنيات الفتوى الإلكترونية والرقمية، وساهمت بذلك في التصدي للمفاهيم المغلوطة، ومحاربة التطرف الذي ينتشر عبر المنصات غير الرسمية.
في وقت سابق، استقبل الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، اليوم الأربعاء، "دوربيك خولبيكوف"، نائب سفير جمهورية أوزبكستان بالقاهرة، في زيارة رسمية تعكس عمق العلاقات الدينية والتاريخية بين البلدين.
مفتي الجمهورية: أوزبكستان لديها إرث علمي وحضاري غني وتعد ركيزة حضارية مهمة في قلب آسيا
وفي مستهل اللقاء، رحب المفتي بنائب السفير، معربًا عن سعادته بهذه الزيارة التي تجسد الروابط القوية والممتدة بين الشعبين، مؤكدا أن أوزبكستان تحتل مكانة خاصة في قلبه، مشيرا إلى أنه خلال فترة عمله كأمين عام لمجمع البحوث الإسلامية كان دائم الاطلاع على الإرث العلمي والحضاري الغني لأوزبكستان، تلك البلاد التي كانت ولا تزال منارة للعلم والعلماء، وركيزة حضارية مهمة في قلب آسيا.
وأوضح المفتي أن دار الإفتاء المصرية، بوصفها إحدى أقدم المؤسسات الإفتائية في العالم الإسلامي، لم تقتصر مهامها على الجانب الديني فقط، بل لعبت دورا بارزا في خدمة الشأن العام، وترسيخ قيم الاعتدال، ومواجهة الفكر المتطرف، مشيرا إلى أن مصر، من منطلق واجبها الديني والحضاري تحرص دوما على توثيق علاقاتها العلمية والدينية مع دول العالم الإسلامي، وفي مقدمتها أوزبكستان.
وأضاف أن الدار احتضنت منذ أكثر من عشر سنوات الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، والتي أصبحت مظلة تنسيقية علمية دولية لتبادل الخبرات، وبناء القدرات الإفتائية، ومواجهة التحديات الفكرية المعاصرة.
كما أشار فضيلة المفتي إلى عدد من المراكز والوحدات المتخصصة التابعة للأمانة العامة، ومنها: مركز سلام لدراسات التطرف، وهو مركز بحثي وأكاديمي معني بدراسة التطرف ومناهج مكافحته والوقاية منه، ويسعى إلى تأصيل فلسفة الدولة المصرية ودار الإفتاء في نطاق المواجهة الفكرية الشاملة لظاهرة التطرف.
كذلك تطرق حديث فضيلة المفتي إلى شرح آلية عمل المؤشر العالمي للفتوى، التابع للأمانة العامة أيضا، موضحا أنه أداة تحليلية ترصد الخطاب الإفتائي عالميا، وتقدم تقارير دورية لقياس أثر الفتاوى على المجتمعات، مع تصنيف موضوعي ومنهجي للاتجاهات الإفتائية، كما تحدث فضيلته المفتي عن وحدة "حوار"، التابعة لدار الإفتاء المصرية، مؤكدا أهميتها في تقديم الدعم الفكري والاجتماعي والنفسي للمواطنين من خلال جلسات حوارية، حيث تعالج القضايا التي تتشابك مع الدين والعقيدة.