عاجل

الأنبا كاراس السائح.. أمير ترك القصر ليصبح قديس الصحراء

أرشيف
أرشيف

أحيت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، أمس، ذكرى رحيل أحد أبرز رموز الحياة الرهبانية في التاريخ القبطي، وهو القديس الأنبا كاراس السائح، الذي عاش حياة انعزالية في قلب الصحراء المصرية لما يقرب من ستة عقود، متفرغًا للتعبد والتأمل، بعيدًا عن صخب العالم.
 

وبحسب ما ورد في السجلات الكنسية والتقليد المسيحي، فإن الأنبا كاراس وُلد في القرن الخامس الميلادي، وكان من أسرة ملكية، ويُعتقد أنه شقيق الإمبراطور ثيؤدوسيوس الكبير.
 

وبعد حياة النعيم والثراء، اختار ترك القصر والجاه، وتوجه إلى برية وادي النطرون ليعيش حياة زهد وتنسك تام، قاطعًا علاقته بكل مظاهر العالم.

قضى الأنبا كاراس نحو 57 عامًا في مغارة داخل الصحراء، لم يُرَ فيها بشر، ولم يقترب منه إنسان، سوى الراهب أنبا بموا، الذي دُعي  بحسب التقليد الكنسي  لزيارته وتوثيق حياته.

ويُروى أن الأنبا كاراس لم يكن يتناول سوى القليل من الخبز والماء، وكان يقضي يومه في الصلاة والتأمل دون توقف.

وتُعد القصة الأشهر عن الأنبا كاراس هي تلك التي رواها الراهب بموا، حيث قال، إنه تلقى دعوة إلهية  حسب إيمانه لزيارة «رجل الله الكامل».
 

وبعد رحلة طويلة في الصحراء، التقى الأنبا كاراس الذي قص عليه رحلته الروحية، ثم أوصاه بدفنه داخل المغارة بعد وفاته، وهو ما نفذه أنبا بموا بنفسه، بحسب المصادر الكنسية.

وتحتفي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية سنويًا، في 15 يوليو (8 أبيب بالتقويم القبطي)، بذكرى وفاة الأنبا كاراس بتنظيم قداسات، ونهضات روحية، وتلاوة سيرته التي تُعد واحدة من أشهر نماذج الحياة الرهبانية  في المسيحية.

وشهدت كنائس عديدة، ومنها كنيسة العذراء والأنبا كاراس بمدينة الأمل، حضورًا كثيفًا من الأقباط وسط أجواء روحانية ومراسم طقسية تقليدية.

ورغم البُعد العقائدي، فإن سيرة الأنبا كاراس تقدم صورة نادرة لإنسان أختار العُزلة الكاملة سعيًا للسمو الروحي، مقدمًا نموذجًا تاريخيًا للتجرد والتأمل الصامت، وهي قيم إنسانية مشتركة تتقاطع مع كثير من التقاليد الروحية حول العالم، ومنها التصوف الإسلامي

ويظل الأنبا كاراس السائح رمزًا خالدًا من رموز التجرد الروحي في المسيحية، وسيرته واحدة من أكثر السير الملهمة في تاريخ الرهبنة المصرية، ومع مرور كل عام تتجدد ذكراه في قلوب الأقباط، وتبقى حكايته جزءًا أصيلًا من التراث الديني والإنساني في مصر.

تم نسخ الرابط