سوريا تشتعل على كل الجبهات: غارات إسرائيلية، اشتباكات داخلية وانسحاب أمريكي

اشتعلت عدة جبهات في سوريا أمس، وسط تحركات محلية وإقليمية مكثفة، كان أبرزها شن غارات جوية إسرائيلية مركزة استهدفت وحدات من الجيش السوري وقوى الأمن في محافظات درعا، السويداء ودمشق، ما زاد من حدة التوترات الأمنية في البلاد.
التصعيد يمتد إلى اللاذقية
وقد امتد التصعيد إلى محافظة اللاذقية السورية فجر اليوم الأربعاء، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة إثر هجوم مسلح على مقر الأمن الجنائي نفذته عناصر محسوبة على فلول النظام السابق، بحسب مصادر محلية.
ونشر ناشطون مشاهد مصورة عبر منصات التواصل الاجتماعي تُظهر انتشارًا مكثفًا للمسلحين وأصوات إطلاق نار كثيف في أرجاء المدينة.
وأكدت مصادر أن قوات وزارة الدفاع السورية تحركت بسرعة لمواجهة المهاجمين واحتواء الوضع.
ويرى المراقبون أن هذا الهجوم تزامن مع أحداث السويداء الدامية، ما هو إلا محاولة من فلول النظام في الساحل لإشغال القوات الحكومية وفتح جبهة ضغط جديدة بالتزامن مع تدخل الطيران الحربي الإسرائيلي في الجنوب.
"قسد" تعزز حضورها في الرقة
وفي ذات الوقت، دخلت قوات سوريا الديمقراطية "قسد" منطقة "دوار النعيم" بمدينة الرقة، وسط أنباء عن اشتباكات لم تُعرف خلفياتها، تزامنت مع إقامة حواجز عسكرية في "دوار الساعة" ومواقع أخرى داخل المدينة.
وأظهر فيديو للصحفي حسام الجمال تعزيزات عسكرية لقسد على جسر الرقة، فيما تحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن استعراض عسكري لقوات "قسد" وسط المدينة.
ويأتي هذا التحرك في وقت تتصاعد فيه احتمالات فشل المفاوضات مع دمشق حول إدماج قوات "قسد" بالجيش السوري، ما يرفع من فرص اللجوء إلى الخيار العسكري كما في السويداء، وسط انزعاج أمريكي من "تلكؤ قسد في تنفيذ اتفاق آذار مع دمشق".
وكشفت مصادر إعلامية مقربة من السلطات السورية عن توتر أمني حاد في محافظة الرقة الخاضعة لسيطرة "قسد"، ما ينذر بانفجار الوضع في أي لحظة، وسط قلق شعبي واسع وتكتم رسمي على بعض التطورات.
كما شهدت الرقة منذ مساء السبت وحتى اليوم عدة أحداث أمنية، من انفجار كبير في معمل الغاز بين مزرعة الأسدية والصالحية، إلى تمرد في سجن "الكنيسة" بمدينة الطبقة، مع سماع دوي انفجارات في وسط المدينة.
السويداء تحت وطأة اشتباكات درزية وغارات إسرائيلية
وفي الجنوب السوري، كان الوضع أكثر تعقيدًا بعد إعلان الحكومة دخول قواتها مركز مدينة السويداء والاجتماع مع وجهاء العشائر الدرزية لفرض الأمن ووقف إطلاق النار، لكن الاشتباكات المتفرقة تجددت صباح اليوم بين الفصائل الدرزية والقوات الحكومية في عدة مناطق بالمحافظة.
وفرض الطيران الحربي الإسرائيلي سيطرة شبه كاملة على أجواء السويداء ودرعا، منفذًا 7 غارات على السويداء وحدها، إضافة إلى ضربات في ريف دمشق ودرعا والقنيطرة، حسب مصادر عسكرية سورية.
ووفق مصادر ميدانية، استهدفت الغارات مواقع للجيش السوري في محيط السويداء، وسط معلومات عن قصف صاروخي نفذته القوات الحكومية من الريف الغربي باتجاه أحياء داخل المدينة.
وأفادت مصادر محلية أن الفصائل الدرزية سيطرت على عدة نقاط في مركز المدينة، فيما انسحبت الآليات الثقيلة التابعة للجيش السوري، وشوهدت تعزيزات عسكرية كبيرة تنطلق من إدلب وحمص وحماة صوب السويداء. وفي وقت لاحق، أعلنت القوات الحكومية استعادة السيطرة على النقاط الأمنية الرئيسية وطرد العناصر المتمردة.
انسحاب أمريكي مفاجئ من الحسكة وتوتر متصاعد بين واشنطن وقسد
وفي الشمال الشرقي، أفادت مصادر سورية بانسحاب مفاجئ وكامل للقوات الأمريكية من قاعدة شمال محافظة الحسكة، مع تفكيك برج المراقبة في مرصد "جبل عبد العزيز" بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ورصدت شاحنات أمريكية تغادر القاعدتين باتجاه الحدود العراقية، في خطوة غير معتادة تفتقر إلى التمهيد المسبق. وجاء هذا التحرك بعد أيام من اتهام المبعوث الأمريكي توماس براك الإدارة الذاتية برئاسة "قسد" بالمماطلة في تنفيذ اتفاق 10 آذار المبرم مع دمشق، مؤكداً أن "الطريق الوحيد أمامهم أي الأكراد يؤدي إلى دمشق".
وقد صدرت هذه التصريحات عقب لقاءات مع قادة "قسد" الشرع وعبدي في دمشق، حيث أعرب براك عن استيائه من غياب التقدم الملموس في تطبيق بنود الاتفاق، خصوصًا دمج القوات وتسليم المعابر والموارد.