كان بيحلم بالطب.. القصة الكاملة لطعن طالب أثناء امتحانات الثانوية ا بالقليوبية

في بيت بسيط بمنطقة القطاوي بشبرا الخيمة، تتوسط غرفة الطالب «طه نشأت» ورقة كتبها بخط يده على الحائط تقول: "هابقى دكتور طه.. ادعولي". اليوم، لا تُقرأ هذه الجملة إلا بصوت باكٍ، وسط أنين أمه وأجهزة العناية المركزة التي تُبقيه على قيد الحياة، بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى من تحقيق حلمه.
طه، طالب الثانوية العامة، خرج من لجنة امتحانه الأخير مبتسمًا، يضحك مع زملائه، يخطط لصيفه، ويعد والدته بنتيجة ترفع رأسهم، لكن ابتسامته تلك لم تدم طويلًا. دقائق معدودة فصلت بين نهاية الامتحان وبداية مأساة، بعدما تعرض لطعنات غادرة أمام بوابة المدرسة، على يد زميله الذي أراد منه أن يغش.. فرفض.
"ابني بيموت علشان قال لا للغش"
بصوت متهدج ووجه غارق في الدموع، تحكي والدته:
"كان نفسه يبقى دكتور.. كان حافظ خريطة الكلية من كتر ما بيتفرج عليها في طريق المدرسة.. وكل مرة نقف قدامها يقولي: استني يا ماما، دي بتاعتي، استنيني وأنا لابس البالطو الأبيض."
ثم تنهار باكية: "دلوقتي هو لابس الأجهزة، مش البالطو.. نايم قدامي مش قادر يتكلم، كل ما يفتح عينه يقولي: أنا فين يا ماما؟"
تتابع الأم: "في يوم الحادثة كان فرحان.. خلص الامتحان، كان بيضحك وبيتصور مع صحابه.. بعدها بنص ساعة جالي تليفون: (ابنك مضروب، جري عليه 3 ووقعوه في الأرض وطعنوه قدام المدرسة). جريت على المستشفى لقيته كله دم، والدكتور بيقولي: ادعيله، حالته حرجة، وعمليات لمدة 6 ساعات."
"كان نفسه يدخل الجيش.. دلوقتي بيتنفس بأنبوبة"
والده، الذي يعمل أرزقي، يربت على كتف زوجته ويقول بنبرة ممزوجة بالقهر والحزن:
"ابني طول عمره بيذاكر في صمت، مش بتاع مشاكل، مش بتاع شلة، حتى المصروف ماكانش بياخده كامل، يقول لي: خليه معاك يا بابا.. حلمه يلبس لبس الجيش، يخدم بلده، وكان دايمًا يقول لي: هتفرح بيا يوم التنسيق.. بس محدش سابه يفرح."
وأضاف الأب: "اللي عمل كده كان ناوي يموته.. ده مش خناقة، ده تربص وغدر وسكاكين قدام المدرسة.. ابني اتضرب وهو واقف بيضحك مع صحابه.. فين حقنا؟
14 غرزة في الرأس والجنب.. وأمل في دعوة أم
الاعتداء أسفر عن طعنة نافذة في الصدر، أصابت الرئة، وشرخ في الجمجمة، وجروح قطعية في الرأس. "طه" لا يزال في العناية المركزة في حالة غير مستقرة، يتنفس عبر أجهزة، وتحت المراقبة الدقيقة.
"كل ما يشرب شوية ميه يرجّع دم.. كل شوية حرارته تعلى.. وكل مرة بيفتح عينه يسألني: هو أنا هموت؟"، تقول الأم وهي تحتضن صورته، وتضيف: "أنا مش عايزة غير حقه.. مش عايزة غير اللي عمل فيه كده يتحاسب.. ابني مش بلطجي، ولا له شلة، ولا عمره أذى حد.. بس قال لا للغش، فدفع التمن بحياته."
نداء أم وأب: أنقذوا حلم ابننا.. واحموا الباقين
ناشدت الأسرة الجهات الأمنية بسرعة التحرك، والقبض على المتورطين في الجريمة، مشيرين إلى أن الحادث لم يكن صدفة بل جريمة مدبرة شارك فيها أكثر من شخص، بالسكاكين وأدوات حادة، أمام أعين الطلاب والمارة.
تختم الأم حديثها بصوت يملأه الرجاء:
"أنا مش عايزة ابني يطلع من الدنيا قبل ما يحقق حلمه.. كل اللي عايزاه أشوفه بيقوم تاني، يلبس البالطو، ويدخل الكلية اللي عاش يحلم بيها.. ادعوا له، واطلبوا معانا بحقه."