جنود بأربعة أرجل.. الكلاب البوليسية تحرس آخر ما تبقى من السلاحف الهندسية
في خطوة غير تقليدية لحماية الحياة البرية، تستعين مؤسسة الحياة البرية المهددة بالانقراض في جنوب أفريقيا بكلاب بوليسية مدرّبة للبحث عن السلاحف الهندسية المهددة بالانقراض في محميات طبيعية خارج مدينة كيب تاون، ومن بين هذه الكلاب، تلعب "دلتا" من فصيلة بوردر كولي دورًا بطوليًا في تتبع مواقع الزواحف النادرة وسط الشجيرات، اعتمادًا على حاسة شمها المتطورة، في مهمة بيئية استثنائية تهدف للحفاظ على التنوع البيولوجي.
اكتشاف نادر بأنف كلبي
خلال إحدى الجولات، توقفت "دلتا" أمام شجيرة واستلقت في إشارة على العثور على سلحفاة، ووسط الأعشاب، ظهرت سلحفاة بالغة ذات صدفة مزينة بنقوش صفراء.
وعلّقت إستر ماثيو، مسؤولة الحفظ البيئي في المؤسسة، قائلةً: "إنها أنثى ناضجة، يمكن تمييزها من شكل بطنها المسطح"، مشيرةً إلى أهمية هذا الاكتشاف النادر، وقد كافأت دلتا على مجهودها بقرص "فريسبي" رغوي، في إطار تشجيع إيجابي مستمر يُربط بين الرائحة والبحث.
الكلاب أكثر فاعلية من البشر في البحث البيئي
أوضحت المؤسسة أن استخدام الكلاب البوليسية يُثبت فعاليته في حماية الأنواع المهددة، إذ إن الكلاب تتمتع بقدرة تفوق البشر بخمس مرات في عمليات البحث. تقول ماثيو: "الكلاب تساعدنا في اكتشاف السلاحف الصغيرة التي غالبًا ما يغفلها الإنسان، وهو ما ساهم في زيادة أعداد السلاحف المُكتشفة بشكل ملحوظ"، وهذه التقنية تعتمد على تدريب الكلاب على تكوين ارتباط إيجابي مع رائحة السلحفاة الهندسية.
الزحف نحو الانقراض
بحسب عالم الأحياء أندرو تيرنر من منظمة "كيب نيتشر"، فإن تعداد السلاحف الهندسية انخفض بشكل حاد منذ التسعينيات، حيث لم يتبقَّ سوى بضع مئات منها في البرية حاليًا.
وأرجع تيرنر هذا التراجع إلى تجزئة المواطن الطبيعية بسبب النشاط الزراعي والتحضر، إضافةً إلى الصيد الجائر، وموجات الجفاف، والافتراس، وحرائق الغابات المتكررة.
ولفت إلى أن الموائل المناسبة لهذه السلاحف تقتصر اليوم على محميتين طبيعيتين وعدد قليل من المناطق الخاصة التي لا تزال تدعم هذا النوع النادر.
جهود تكاملية لإنقاذ السلاحف الهندسية
تسعى مؤسسة الحياة البرية المهددة بالانقراض إلى بناء شراكات مع مُلاك الأراضي والمجتمعات المحلية من أجل تعزيز حماية الزواحف.
وأوضحت زان برينك، مديرة برنامج الحفاظ على الأراضي الجافة بالمؤسسة، أن الجهود تتركز على إنشاء ممرات آمنة لانتقال السلاحف بين الموائل، ما يضمن استمرارية وجودها وتكاثرها الطبيعي، قائلةً: "الأهم هو توفير الربط بين المناطق المعزولة، حتى تتمكن الأنواع من التنقل والتكاثر دون تهديد".
نموذج عالمي لحماية التنوع البيولوجي
تشكل التجربة الجنوب أفريقية نموذجًا ناجحًا لتكامل التكنولوجيا البيولوجية وسلوك الحيوان في جهود الحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض، ففي ظل تنامي التهديدات البيئية، باتت مثل هذه المبادرات ضرورية لحماية الأنواع من الاندثار، خاصة تلك التي لا توجد إلا في نطاق جغرافي محدود مثل السلحفاة الهندسية.
