لا تزال القضية الفلسطينية تحتل صدارة الأولويات المصرية، مدفوعة بإيمان راسخ بعدالتها، والتزام تاريخي لا يتزعزع تجاه حقوق الشعب الفلسطيني، وفي هذا الإطار، جاءت تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الاحتفال بيوم الشهيد، وذلك في الندوة التثقيفية الـ41 التي نظمتها القوات المسلحة لتؤكد موقف مصر الواضح والصريح: "لن نقبل تهجير الفلسطينيين " وهو تصريح يحمل أبعادا سياسية وإنسانية وأمنية عميقة، ويؤكد مجددا أن القاهرة ستظل الحامي الأول للحقوق الفلسطينية المشروعة.
موقف مصر.. ثوابت لا تتغير
عبر العقود، كانت مصر دائما الداعم الأول للقضية الفلسطينية، حيث خاضت الحروب ووقعت الاتفاقيات، وبذلت جهودا دبلوماسية وسياسية مكثفة للحفاظ على الحقوق الفلسطينية ولم يكن يوما الموقف المصري مرهونا بتغيرات سياسية أو ضغوط دولية، بل كان دائما ثابتا، منطلقا من قناعة بأن الاستقرار الإقليمي يبدأ من حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، يقوم على إقامة دولة مستقلة ذات سيادة، وعاصمتها القدس الشرقية.
تصريحات الرئيس السيسي الأخيرة لم تأت من فراغ، بل جاءت ردا على محاولات فرض واقع جديد عبر سياسات التهجير القسري، التي تمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي، و تهديدا مباشرا للأمن القومي المصري ومصر تدرك أن تهجير الفلسطينيين، سواء إلى سيناء أو أي مكان آخر، لن يكون سوى تكريس لنكبة جديدة، وإبادة ممنهجة للهوية الوطنية الفلسطينية، وهو أمر لا يمكن القبول به بأي حال من الأحوال.
الرفض المصري للتهجير.. رؤية استراتيجية وأبعاد أمنية
يعد الموقف المصري الرافض للتهجير القسري للفلسطينيين جزءا من رؤية استراتيجية شاملة، تهدف إلى الحفاظ على الاستقرار في المنطقة، وعدم السماح بتفجير الأوضاع عبر فرض حلول غير عادلة وأثبت التاريخ أن محاولات تصدير الأزمات إلى دول الجوار لم تؤد إلا إلى مزيد من التصعيد والتوتر، وهو ما تدركه القيادة المصرية جيدا ، كما أن البعد الأمني لهذا الموقف لا يمكن إغفاله، إذ أن تهجير الفلسطينيين من أراضيهم إلى سيناء، أو أي مكان آخر، يمثل تهديدا مباشرا للأمن القومي المصري، ويفتح الباب أمام تداعيات كارثية، قد تؤدي إلى تغيير ديموغرافي وجغرافي، يخل بتوازن القوى، ويخلق توترات يصعب احتواؤها مستقبلا.
ومن هنا، فإن الرسالة المصرية واضحة وحاسمة: لا بديل عن حل الدولتين، ولا مستقبل للاستقرار دون دولة فلسطينية مستقلة، ولا مجال لأي محاولات لفرض سياسة الأمر الواقع على حساب الحقوق الفلسطينية.
الدور المصري في دعم القضية الفلسطينية
لا يقتصر الدور المصري على الرفض المعلن لسياسات التهجير، بل يتجاوز ذلك إلى خطوات عملية على الأرض، تؤكد التزام القاهرة بدعم الفلسطينيين في جميع المحافل الدولية و لعبت مصر دورا محوريا في وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، رغم التعقيدات السياسية والأمنية كما تواصل القاهرة جهودها الدبلوماسية المكثفة مع الأطراف الدولية والإقليمية، لإيجاد حل سياسي عادل، يمنع تفاقم الأوضاع، ويضع حدا لمعاناة الشعب الفلسطيني و في هذا السياق، جاءت استضافة مصر للقمم الطارئة، وجولات التفاوض المستمرة لتؤكد علي أن مصر لم ولن تتخلى عن دورها التاريخي في الدفاع عن فلسطين.
الموقف العربي والدولي.. وأهمية التكاتف المشترك
لا يمكن فصل الموقف المصري عن الموقف العربي والدولي العام، إذ أن دعم الدول العربية لهذا التوجه يمثل حائط صد أساسيا أمام أي محاولات لفرض التهجير كأمر واقع وقد أكدت جامعة الدول العربية، والأمم المتحدة، ودول الاتحاد الأوروبي، رفضها التام لأي إجراءات من شأنها تغيير الخارطة الديموغرافية للمنطقة، وهو ما يتطلب تنسيقا عربيا ودوليا أوسع، لمنع حدوث كارثة إنسانية جديدة.
إن دعم مصر للقضية الفلسطينية، ورفضها القاطع لأي شكل من أشكال التهجير القسري، يعكس إرادة سياسية واضحة، ورؤية مستقبلية رشيدة، تحافظ على الحقوق الفلسطينية، وتمنع أي تداعيات قد تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة.
مصر لن تقبل بسياسات الأمر الواقع
لقد أرسل الرئيس السيسي رسالة واضحة للعالم: مصر لن تقبل بتهجير الفلسطينيين، ولن تسمح بأي محاولات لطمس هويتهم الوطنية، أو تصفية قضيتهم العادلة و هذه الرسالة ليست مجرد موقف سياسي، بل هي تجسيد لتاريخ طويل من الدعم والتضحية من أجل فلسطين، وتأكيد على أن مصر كانت وستظل السند الحقيقي للقضية الفلسطينية، حتى تتحقق العدالة، ويستعيد الفلسطينيون حقوقهم المسلوبة.