هل يجوز الدعاء على المدير الظالم بعد وفاته؟.. أمينة الفتوى تجيب

أجابت وسام الخولي، أمينة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على سؤال محمد من البحيرة، يقول فيه: "كنت شغال مدير في إحدى الشركات، وللأسف كان المدير بيظلمني وبيعاملني بطريقة مش كويسة لحد ما سبت الشغل وعيشى اتقطع، ومن وقت ما توفى وأنا بدعي عليه ومش قادر أسامحه، هل كده عليّ ذنب؟".
تصرفات الشخص اللي قدامنا ظلم،
وقالت أمينة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حوار مع الإعلامية سالي سالم، ببرنامج "حواء"، المذاع على قناة الناس، اليوم الأحد: "خلونا في البداية نوضح حاجة مهمة، أحيانًا قد نظن أن تصرفات الشخص اللي قدامنا ظلم، لكن قد تكون لمصلحتنا وإحنا مش مدركين، فلا نحكم بأن الإنسان ظلمنا هباءً.. كذلك، في مسألة الدعاء على الظالم، سيدنا النبي ﷺ علمنا أن الأولى والأفضل أن ندعو بقدر الظلم، ولا نتجاوز الحد، فلا أدعو عليه أو على أولاده بأكثر مما ظلم".
وأضافت: "الأولى والأفضل كما علمنا سيدنا النبي ﷺ، أن نعفو ونصفح، وربنا قال: وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم، وقال أيضًا: فمن عفا وأصلح فأجره على الله. والنبي ﷺ قال: ولا يزيد الله عبدًا بعفو إلا عزًا، ومن تواضع لله رفعه".
حتى لو الظلم تسبب في أن يتقطع عيشي!
وتابعت أمينة الفتوى: "حتى لو الظلم تسبب في أن يتقطع عيشي وما قدرتش أعيش كويس، ما صدقش إن أنا أدعي على حد بعد وفاته، بل نصبر ونحتسب وربنا سبحانه وتعالى يجيب لي حقي. الإنسان لما يعفو ويصفح هيكون نفسيًا مرتاح، لأن شعور الظلم بيعمل أزمات نفسية".
وتابعت: "ما فيش مانع أقول: يا رب خذ لي حقي، لكن من غير ما أدعي عليه أو على أولاده، الأفضل أقول: يا رب يسر لي الخير، واهديني للصواب، وصبرت لأجلك فيا رب أجرني وهات لي حقي، من غير ما أتجاوز في الدعاء".
في وقت سابق، أكَّد أ.د نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أن دار الإفتاء المصرية تُعد واحدة من منارات الهداية ومنابر البيان عن الله، إذ تقوم على بيان أحكام الشرع الحنيف، وتؤدي رسالتها في سياق عالمي تتسارع فيه الأحداث، وتتشابك فيه القضايا، وتشتد فيه التحديات الفكرية والاجتماعية والدينية؛ وهو ما يُلقي على عاتقها مسؤولية مضاعفة في تحقيق مقاصد الشريعة، وصون ثوابت الدين، وخدمة قضايا الوطن، والمساهمة الفاعلة في ترسيخ السلم المجتمعي، ومواجهة دعاوى التطرف والانغلاق، بما يعكس الوجه الحضاري للإسلام في الداخل والخارج.
جاء ذلك خلال كلمة فضيلته في الجلسة الافتتاحية للبرنامج التدريبي الذي تنظِّمه دار الإفتاء لتدريب الصحفيين على تغطية القضايا الدينية والإفتائية، والذي يستمر لمدة خمسة أيام بمشاركة نخبة من الشخصيات الدينية والإعلامية.
وأوضح فضيلة المفتي أن البرنامج لا يركِّز على جانب بعينه من جوانب الواقع المعاصر، بل جاء استجابةً لحاجة مُلحَّة إلى تعزيز التغطية الإعلامية الرشيدة للشأن الديني، مع فهم دقيق للواقع، والالتزام بالضوابط الأخلاقية والقانونية، إلى جانب تنمية المهارات المهنية التي ينبغي أن يتحلى بها من يتصدون للفتوى ونقلها عبر الوسائط الإعلامية، مشددًا على أهمية دور المؤسسات الدينية، وعلى رأسها الأزهر الشريف، ووزارة الأوقاف ، ودار الإفتاء في ترشيد الخطاب الديني، مؤكدًا أن الدار تعمل على بناء خطاب ديني وسطي، علمي، منضبط، ودقيق، يواجه فوضى الفتاوى والتصريحات العشوائية، ويسهم في إيصال معاني الدين إلى الناس بوضوح ويسر.
وأشار فضيلته إلى أنَّ الإعلام شريك أساسي في هذا الجهد؛ كونه منبرًا لبسط الكلمة وإيصال الرسالة، وهو أداة قد تُبنى بها الأوطان أو تُهدَم، بحسَب درجة صدقها وانضباطها، مؤكدا على أن العلاقة بين الإعلام ورجال الدين يجب أن تقوم على التكامل والتواصل المستمر؛ نظرًا لأثر الإعلام البالغ في ضبط الخطاب الديني وتأمين وصوله للجمهور دون تحريف أو تزييف.
كما لفت فضيلته الانتباه إلى أن الجهود التي تبذلها دار الإفتاء والأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم تأتي منسجمة مع توجه الدولة المصرية، لا سيما في ظل قانون تنظيم الفتوى الذي يسعى لسد أبواب التجرؤ على الدين والعبث بالثوابت وضرب النصوص الشرعية، مضيفًا نحن نعمل على نقل المراد من النصوص الإلهية بما يحقق الصلاح للبلاد والعباد، وندرك جيدًا أمانة الكلمة وقيمة الفتوى التي هي توقيع عن الله عز وجل.