فى نادٍ لا يعرف أنصاف المواقف، ولا يرضى بأنصاف الحلول، يخرج السؤال صارخًا من قلب المدرجات وغرف الاجتماعات وصفحات التواصل الاجتماعى: من يُدير الزمالك؟!
لماذا اختفى رئيسه المنتخب حسين لبيب من مشهد إدارة أكبر قلعة رياضية – كما يحب أن يصفها – وتراجع مجلس إدارته خطوة تلو الأخرى، حتى بات مجرد هيكل إداري شرفي، لا يملك من أمر كرة القدم شيئًا؟
وإن كانت بعض الملفات تُدار أحيانًا من وراء الكواليس، فإن ما جرى فى الزمالك بات يُدار – حرفيًا – من خارج جدران النادي، وبصوت مرتفع، وعلى الهواء مباشرة. كيف قَبِل المجلس أن يتصدر المشهد رجل لا يحمل صفة رسمية فى النادي – هو المهندس ممدوح عباس – ليتحدث على القناة الرسمية باسم النادى، ويتناول أدق تفاصيل الفريق وأخباره؟ هل لأنه الداعم والممول والمحب؟ وهل هذه الصفات – وإن قُدرت – تمنح وحدها حق الإشراف والحديث باسم الزمالك وتاريخه ومصيره؟
الأسئلة المؤجلة تتكاثر، والصمت الرسمي يثير القلق.
•••
الملف الأهم، والأخطر، نُزع بالكامل من يد الإدارة، ووُضع بين يدى المدير الرياضي جون إدوارد، الذى تحوّل بمرور الوقت إلى “حاكم بأمره” فى منظومة كرة القدم، دون أن يقدم للجماهير بيانًا واحدًا يشرح رؤيته، أو يحدد أهدافه، أو يوضح كيف ولماذا مُنح كل هذه السلطات. هو يتحرك، يقرر، يضم، يفسخ، يفاوض، ويخطط وحده. أما مجلس الإدارة، فكأن على رؤوسهم الطير، لا يعترضون، ولا يوضحون، ولا حتى يشاركون.
الزمالك، بتاريخه وثقله وملايين محبيه، بات رهينة قرار فردي لا يُناقَش، ومشروع غامض لا يُفصح عنه، وتفويضٍ غير معلن لا أحد يعرف مصدره أو مداه. والأدهى، أن أصواتًا محسوبة على الإدارة باتت تطالب الجماهير بـ”الصبر” على تجربة قد تحتاج سنوات للحكم عليها، وكأن الزمالك يملك رفاهية الوقت، أو يضمن غياب المنافسة، أو يحتكر قلوب جماهيره مهما طال الانتظار.
وهنا لا بد من وقفة.
أين الجمعية العمومية؟
هى وحدها من تملك شرعية محاسبة الإدارة، بعد أن تدهورت الخدمات داخل النادى، وتراجع مستوى الرعاية، وغابت الرؤية عن كل ما يخص الأعضاء، فيما يبدو أن تركيز المجلس قد انصرف تمامًا إلى مشهد كروى لا يُدار إلا من خلف الستار.
أين الجهة الإدارية؟
وما موقفها من تهميش دور رئيس النادى ومجلسه المنتخب، وترك مقاليد الأمور فى ملف الكرة لشخص لا يملك صفة تنفيذية أو انتخابية، ولا رقابة قانونية واضحة على قراراته؟
وأين الجماهير؟
هى صاحبة الحق الأصيل فى السؤال، وفي الغضب، وفي المحاسبة. فمن يدفع من أعصابه وماله وانتمائه، لا يجوز أن يُستبعد أو يُستغفل أو يُطلب منه الصمت.
•••
لا نشكك فى كفاءة جون إدوارد، ولا ننسى ما قدمه المهندس ممدوح عباس للنادي، ولا نطلب من مجلس الإدارة معجزات. نحن فقط نطلب الوضوح. نطلب المؤسسية. نطلب أن يعود الزمالك إلى الزمالك.
فالقلعة البيضاء الآن تقف على مفترق طرق خطير: إما نجاح مدوٍ يبرر كل هذه المغامرة، أو سقوط مدوٍ لا ينفع معه ندم، ولا يُجدي بعده اعتذار.
قد يتسامح التاريخ مع الفشل، لكنه لا يغفر للغموض ولا يغفر لمن فرّط في مسؤولياته أو صمت حين وجب عليه أن يتكلم.