عاجل

نقص الجنود يهدد أمن ألمانيا.. هل تواجه الدولة العجوز أزمة غير مسبوقة؟

الجيش الألماني
الجيش الألماني

تكافح ألمانيا منذ سنوات لإعادة هيكلة جيشها بعد عقود من الإهمال والتراجع، وسط تحديات كبيرة تتمثل في تقدم سن العسكريين الحاليين ونقص مستمر في الكوادر الماهرة، ما يضع القادة العسكريين في مأزق حقيقي أمام الحاجة المتزايدة لتقوية القوات المسلحة.

وبحسب تقرير لوكالة "بلومبيرج" الاقتصادية، تعاني ألمانيا من صعوبة كبيرة في تجنيد أعداد كافية من الجنود في ظل انخفاض القوى العاملة المتاحة، الأمر الذي يرتبط بشكل مباشر بظاهرة شيخوخة المجتمع الألماني وضغوط سوق العمل على فئات الشباب القادرة على الانضمام إلى الجيش.

تعزيز القوات النظامية

وفي هذا السياق، أكد وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، أن الجيش الألماني مطالب اليوم بتعزيز قواته النظامية لتصل إلى 260 ألف جندي، بالإضافة إلى زيادة أعداد الاحتياطي بمئات الآلاف من الجنود المؤهلين. وأشار الوزير إلى أن إعادة تطبيق نظام التجنيد الإجباري قد تكون من الخطوات الضرورية لضمان تحقيق هذه الأهداف، مؤكداً أن البلاد بحاجة إلى تكثيف الجهود لضمان جاهزية الجيش على المستويين التقني والعددي في مواجهة التحديات الأمنية الإقليمية والدولية.

خطوات لإعادة التجنيد الإجباري

ويشير محللون وخبراء إلى أن تحسين الأجور، وجعل الجيش مكانًا أكثر جاذبية للعمل، واعتبار الهجرة وسيلةً لتعويض التحولات الديموغرافية، يمكن أن يساعد في جذب المزيد من المجندين.

وقالت "بلومبيرج" إن ألمانيا، التي تتمتع بسيولة مالية كبيرة لإعادة تسليح نفسها في مواجهة التهديد الروسي، تُكافح جاهدةً لحشد عدد كافٍ من المجندين في سوق عمل يعاني أصلًا من ضغط شديد.

وفي حين تواجه دول أوروبية أخرى نقصًا في الكوادر أيضًا، فإن حجم المهمة في ألمانيا يبدو أوضح؛ إذ تسعى حكومة المستشار فريدريش ميرز الجديدة بشكل منفصل إلى إصلاح البنية التحتية الألمانية، ما يُضعف أيضًا القوى العاملة، حيث تُتخذ خطوات لإعادة العمل بالتجنيد الإجباري.

وقال ميرز للشركات الألمانية، الشهر الماضي، إن التحديات المتعلقة بالموظفين، وليس التمويل، ستكون "المشكلة الحاسمة" التي يتعين التغلب عليها، بينما يسعى جاهدًا لبناء أقوى جيش تقليدي في القارة، داعيًا الشركات إلى تسريح العمال مؤقتًا حتى يتمكنوا من اكتساب المهارات العسكرية.

قوانين جديدة

ومن المتوقع أن تُقرّ حكومة ميرز التشريع في الأسبوع الأخير من أغسطس، بحيث يمكن تطبيق الخدمة العسكرية التطوعية بحلول يناير 2026، حيث يهدف وزير الدفاع بيستوريوس إلى استقطاب أكثر من 110 آلاف مُجنَّد بحلول نهاية العقد.

وأشار التقرير إلى وجود شكوك جدية في أن يُحقق هذا النهج أفضل النتائج لاقتصاد انكمش خلال العامين الماضيين، إذ يحتاج بشدة إلى عمالة ماهرة لمساعدته على التحديث.

وبينما ارتفعت معدلات البطالة، من المتوقع أن تنخفض مجددًا مع إنفاق الحكومة مئات المليارات من اليورو على تحسين الطرق والجسور.

خسائر فادحة

وقال الخبير الأقتصادي في معهد أبحاث التوظيف، إنزو ويبر، من منظور سوق العمل، ولصالح القوات المسلحة أيضًا، يجب أن تضمن الحكومة أن يكون الأنسب للوظيفة هو من يلتحق بها، لا من هو أكثر ملاءمة لوظائف أخرى.

وأضاف ويبر: "إذا لم تُستغل كفاءات قوتنا العاملة على النحو الأمثل، فستتكبّد ألمانيا خسائر فادحة".

انخفاض في عدد الجنود

ولفت التقرير إلى أن عدد الجنود انخفض في عام 2024 إلى أقل من 180 ألف جندي، وهو أدنى مستوى له منذ عام 2018، على الرغم من الجهود المبذولة منذ فترة طويلة للوصول إلى أكثر من 200 ألف جندي.

ورغم أن إجبار الناس على الخدمة يبدو حلاً فعالاً من حيث التكلفة، فإن الباحثين في معهد "إيفو" في ميونيخ يحذرون من أن هذا ليس دقيقًا؛ لأن المجندين يقضون وقتًا أقل في سوق العمل، ما يؤخر تعليمهم ويحد من دخلهم في نهاية المطاف.

تم نسخ الرابط