اشتباكات عنيفة بين الجيش السوري و«قسد» شرق حلب بعد تعثر المباحثات

اندلعت اشتباكات عنيفة بين وحدات من الجيش السوري بقيادة أحمد الشرع، وعناصر من قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، في ريف مدينة حلب الشرقي، في تصعيد جديد يعكس التوتر المتصاعد بين الطرفين بعد تعثر المباحثات السياسية الأخيرة.
ووفقًا لمصادر سورية مطلعة، فقد وقعت الاشتباكات تحديدًا على محور قريتي "الإمام" و"رسم الكروم" التابعتين لمنطقة دير حافر، شرقي حلب، إثر محاولة تسلل نفذتها مجموعات مسلحة تابعة لـ"قسد" باتجاه مواقع الجيش السوري في المنطقة.
رفع درجة التأهب
وأكدت المصادر أن القوات الحكومية السورية تمكنت من صد الهجوم، في حين استمرت الاشتباكات بشكل متقطع في عدة نقاط، وسط حالة من الاستنفار الأمني ورفع درجة التأهب على خطوط التماس.
وفي ظل التصعيد، دفع الطرفان بتعزيزات عسكرية جديدة إلى محاور الاشتباك، ما يشير إلى احتمالية توسع نطاق المواجهات خلال الساعات المقبلة، في غياب أي مؤشرات حقيقية على تهدئة أو وساطة فعالة.
ويأتي هذا التطور بعد فترة من التوتر المتصاعد بين الجانبين، على خلفية تعقيدات سياسية وميدانية، تتعلق بتوزيع السيطرة والنفوذ في الشمال الشرقي من البلاد، وخاصة في المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية.
فشل اتفاق دمج قسد للدفاع السورية
ويأتي هذا التصعيد العسكري عقب فشل الجولة الثانية من المباحثات بين الحكومة السورية و"قسد" بشأن تنفيذ "اتفاق 10 مارس"، الذي ينص على حل القوات ذات الغالبية الكردية ودمجها في الجيش السوري، وتسليم إدارة مدن شمال شرق سوريا إلى السلطات المركزية في دمشق.
وبحسب مصادر سياسية مطلعة، فقد بلغ التوتر ذروته خلال المباحثات، بعد إصرار وفد "قسد" على تعديل الإعلان الدستوري ورفضه تسليم أي من مدن شمال شرق البلاد، إضافة إلى مطالبته بالاحتفاظ بالسيطرة على آبار النفط والمعابر الحدودية، وهو ما استدعى تدخل المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا في محاولة لتهدئة الموقف، رغم عدم توافق واشنطن مع جميع مطالب "قسد".
وأضافت المصادر أن الاجتماع الذي عقد في دمشق، الأربعاء الماضي، انتهى دون أي نتائج ملموسة، رغم الزخم السياسي والإعلامي الذي سبقه، مشيرة إلى أن الحكومة السورية طرحت مقترحات تضمنت حلاً تدريجيًا، وقبولاً بصيغة "اللامركزية الإدارية"، إلا أن وفد "قسد" ردّ بمزيد من التشدد.
مطالب قوات قسد
ومن بين أبرز المطالب التي تمسكت بها "قسد"، تغيير اسم الدولة إلى "الجمهورية السورية"، ودمج قواتها ضمن الجيش السوري ككتلة مستقلة، بالإضافة إلى تأكيد الحقوق القومية واللغوية لمكوناتها، وضمان تمثيلها السياسي في الحكومة والبرلمان.
في المقابل، رفضت دمشق هذه الطروحات ووصفتها بأنها تهديد لوحدة وسيادة البلاد، محمّلة "قسد" مسؤولية إفشال المفاوضات، وهو ما تقاطع مع تصريحات المبعوث الأمريكي توماس باراك، الذي أبدى دعمًا مفاجئًا لموقف الحكومة السورية في هذه الجولة.
وفي ظل التصعيد، امتنعت "قوات الشمال الديمقراطي" عن التعليق المباشر، واكتفى المتحدث باسمها، محمود حبيب، بوصف المفاوضات بـ"الحساسة".
بينما قالت عضوة الوفد المفاوض عن "قسد"، فوزة يوسف، إن دمشق "غير جادة" في تنفيذ اتفاق 10 مارس، مشيرة إلى استمرار خطاب الكراهية والاعتقالات السياسية من جانب الحكومة السورية، والتي تعيق عملية الحوار.
وأكدت يوسف أن أي اتفاق مستقبلي يجب أن يشمل اعترافًا كاملًا بالإدارة الذاتية وضمان حقوق جميع المكونات السورية، مع رفض أي نموذج لدولة مركزية قومية، داعية إلى الإفراج عن المعتقلين السياسيين كخطوة أولى لبناء الثقة.