زيارة بروتوكولية بنكهة التجاهل.. بريطانيا تُحرج ترامب بصمت محسوب

بينما تستعد لندن لاستقبال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في زيارة رسمية مرتقبة، تُغلق أبواب البرلمان البريطاني في وجهه بصمت محسوب، فالزيارة، التي تُخطط لها الحكومة البريطانية من منتصف إلى أواخر سبتمبر، تتزامن "عمداً" مع عطلة البرلمان، في خطوة يُنظر إليها على أنها رسالة بروتوكولية باردة، هدفها تفادي الإحراج السياسي دون صدام مباشر.
لا خطاب.. ولا قبة برلمان
بحسب صحيفة ديلي إكسبريس، لن يُسمح لترامب بإلقاء خطاب أمام مجلسي البرلمان وهو تقليد شرفي اعتاد عليه رؤساء الولايات المتحدة السابقون، مثل رونالد ريغان وباراك أوباما وبيل كلينتون، وكذلك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي قوبل خطابه مؤخرًا بتصفيق حار من النواب واللوردات. أما ترامب، فسيُستثنى من هذا التقليد العريق، في مشهد يعكس فتورًا دبلوماسيًا واضحًا.
مخاوف من احتجاجات محرجة
ووفقًا مصادر مطلعة، فإن المخاوف من احتجاجات داخل البرلمان ومقاطعة محتملة من بعض النواب كانت حاسمة في قرار تجنب ظهوره تحت القبة، كانت هناك مخاوف من أن يتحول الخطاب إلى مسرح للمقاطعة العلنية، أو حتى للسخرية، ما كان سيُحرج الحكومة البريطانية ويُثير أزمة سياسية إضافية.
لذلك، اختار داونينغ ستريت تمرير الزيارة بهدوء، خلال فترة العطلة البرلمانية التي تبدأ في 16 سبتمبر، لتجنب أي مظاهر احتجاجية أو انتقادات برلمانية علنية.
غياب الاستعراض الملكي
البرود الرسمي لا يتوقف عند حدود البرلمان؛ فخلافاً لما حدث مع ماكرون، الذي حظي باستقبال ملكي كامل، من غير المتوقع أن ينعم ترامب بجولة احتفالية في العربة المكشوفة، أو بمبيت ملكي في قلعة وندسور. وعلى الرغم من الإشارة إلى أعمال الترميم في قصر باكنغهام كسبب لذلك، إلا أن مخاوف أمنية وخلفيات سياسية تُرجح أنها تقف أيضًا وراء هذا الترتيب المتواضع.
بدلاً من المراسم الرفيعة، من المرجح أن يقضي ترامب جزءاً كبيراً من زيارته في منتجعه الخاص للغولف "ترامب تيرنبيري" في اسكتلندا، بينما تستمر الحكومة البريطانية في محاولة ترتيب لقاء بينه وبين رئيس الوزراء كير ستارمر.
إرث الجدل مستمر
تأتي هذه الزيارة في ظل تاريخ متوتر بين ترامب والرأي العام البريطاني، يعود إلى حملته الانتخابية الأولى عام 2016، عندما وقّع أكثر من نصف مليون شخص على عريضة تطالب بمنعه من دخول البلاد. وخلال زيارته الرسمية عام 2019، خرجت احتجاجات واسعة، أبرزها إطلاق بالون "ترامب بيبي" الشهير في سماء لندن.
اليوم، يبدو أن الحكومة البريطانية تُفضّل سياسة الاحتواء البارد، من خلال تقليص البروتوكولات ومنع المنابر السياسية، بما في ذلك حرمان ترامب من لحظة المجد البرلماني، في محاولة لتجنب الإحراج أمام جمهور محلي ما زال منقسمًا حول علاقته بالرئيس الأمريكي السابق.
صمت رسمي.. وتحفّظ متبادل
رغم أن مسؤولي البيت الأبيض على علم بالتقليص الذي ستشهده الزيارة، لم تُصدر إدارة ترامب أي تعليقات رسمية حتى الآن. أما البريطانيون، فيدركون حساسية ترامب تجاه أي "إهانة" رمزية، لكنهم ماضون في جدول زيارة متقشف، يُجنّبهم التبرير أو التصعيد، ويعبر عن موقف دبلوماسي هادئ.. لكن غير مرحّب بالكامل.