بعد قرار الرسوم الجمركية .. العراق يواجه «اختبار» ترامب الاقتصادى

أثار إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فرض رسوم جمركية بنسبة 30% على واردات بلاده من العراق ردود فعل واسعة في الأوساط العراقية، رأى فيه بعض السياسيين أنه بمثابة اختبار مبكر لكيفية تعامل بغداد مع إدارة ترامب.
وجاء القرار على شكل رسالة رسمية وجهها ترامب، إلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ونشرها على منصته "تروث سوشيال"، ملوحاً فيها بإجراءات إضافية إذا قررت الحكومة العراقية الرد بالمثل، ضمن حملة تجارية أوسع تستهدف عدة دول قبل الانتخابات الأمريكية المقبلة، أبرزها ليبيا والفلبين وسريلانكا.
ويُجمع الاقتصاديون العراقيون على أن صادرات العراق إلى الولايات المتحدة تتركز بنسبة شبه كاملة على النفط الخام، الذي يُعفى عادة من الرسوم الجمركية، سواء بموجب العقود طويلة الأمد، أو لطبيعته الاستراتيجية كمادة أولية، تُستخدم في مصافٍ أمريكية متخصصة بمعالجة خام البصرة الثقيل.
لا يوجد تأثير مباشر على العراق
وبحسب بيانات وزارة النفط العراقية، فإن صادرات البلاد إلى أمريكا تتراوح بين 5 إلى 6 ملايين برميل سنوياً، وهي نسبة صغيرة ضمن إجمالي صادرات العراق اليومية البالغة نحو 3.4 مليون برميل، ما يجعل السوق الأمريكية ثانوية مقارنة بالأسواق الآسيوية والأوروبية.
وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي علي دعدوش إن "رسوم ترامب الجمركية تُفرض على الدول التي تصدر سلعاً وخدمات إلى الولايات المتحدة، لكن العراق لا يصدر أي منتجات مصنعة أو تجارية يعتد بها، ولذا لا يوجد تأثير مباشر فعلي لهذا القرار".
وأضاف دعدوش أن "العراق يعتمد على استيراد واسع من دول مثل الصين وتركيا والإمارات وإيران، وحروب ترامب التجارية مع هذه الدول أسهمت في رفع أسعار المعادن والمكوّنات الإلكترونية، ما أدى إلى انتقال جزء من هذه التكاليف إلى السوق العراقية، وزيادة التضخم المستورد".
ورغم أن القرار لم يدخل حيّز التنفيذ بعد -إذ حُدّد الأول من أغسطس المقبل موعداً لبدء تطبيقه- فإن بعض السياسيين العراقيين يرون أنه اختبار مبكر لكيفية تعامل الحكومة مع إدارة ترامب، لا سيما في ظل علاقات متوترة أصلاً بين بعض الأطراف العراقية وواشنطن.
قيمة استراتيجية
وبدوره، يرى المستشار المالي والاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي، مظهر محمد، أن رسالة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "تحمل في طياتها مؤشراً على رغبة في توسيع أطر التعاون التجاري بين البلدين، وخاصة في ظل ما نصّت عليه اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة عام 2008".
وأضاف محمد في تصريح صحفي أن "السوق العراقية تستورد ما قيمته نحو 1.5 مليار دولار سنوياً من السلع والخدمات الأمريكية، بينها معدات هندسية وطائرات مدنية وخدمات لوجستية متقدمة".
وشدد على أن "هذه السلع رغم تواضع كمياتها، تحمل قيمة استراتيجية كبيرة في دعم القطاعات الإنتاجية والخدمية في العراق، ما يجعل أي تطور في العلاقة التجارية الثنائية مؤثراً على المديين المتوسط والبعيد".
ويرى عضو غرفة تجارة بغداد، قاسم رحيم، أن "العراق يحتاج إلى فتح قنوات دبلوماسية مع الولايات المتحدة، لتعزيز المسار التجاري، وفتح مزيد من خطوط التصدير والاستيراد بين البلدين، لكون العراق لا يزال سوقاً ناشئة، ويحتاج إلى كثير من السلع والبضائع والتقنيات والخدمات".
وأوضح أن "صادرات العراق لا تزال محدودة، لكنها تمضي جيدًا في التوسع، وهذا ما يؤكد أن السنوات المقبلة تشهد آفاقاً أوسع على المستويات الصناعية والزراعية".
فجوة حسابية
ويقول الخبراء إن هذه الفجوة "حسابية" أكثر منها واقعية، لأن العراق يشتري سيارات وأجهزة أمريكية بكميات كبيرة لكن عبر أسواق وسيطة مثل دبي وتركيا، ما يُظهر خللاً في فهم الميزان التجاري الحقيقي بين البلدين، ويستدعي من بغداد تصحيح هذه الصورة عبر التفاوض على تحويل المشتريات غير المباشرة إلى مباشرة.