بعد تحذيرات أممية
خبير سيبراني: نحتاج تشريعات رادعة لمواجهة الاستخدام العسكري للذكاء الاصطناعي

في تحذير أممي شديد اللهجة، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، إلى التحرك العاجل لوقف تسارع عسكرة تقنيات الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أن العالم قد يواجه صراعات مستقبلية تُدار بالخوارزميات بدلًا من البشر. وفي هذا السياق، أكد د. محمد محسن رمضان، مستشار الأمن السيبراني ومكافحة الجرائم الإلكترونية، أن الاستخدام العسكري للذكاء الاصطناعي يمثل تهديدًا حقيقيًا للأمن العالمي، ويستدعي استجابة دولية منسقة قبل فوات الأوان.

خطر حقيقي يتجاوز ساحات القتال التقليدية
وأوضح الدكتور رمضان في تصريحات خاصة لموقع نيوز رووم، أن عسكرة الذكاء الاصطناعي تشمل تطوير الأسلحة ذاتية التشغيل، وتحليل البيانات الاستخباراتية المعقدة، وإطلاق هجمات سيبرانية ذكية، بل وحتى تضليل الرأي العام من خلال تقنيات مثل "ديب فيك". وقال: " نحن أمام حقبة جديدة من الحروب غير المعلنة، التي لا تُخاض بالصواريخ، بل بالسطر البرمجي والخوارزمية."

سباق تسلّح رقمي... وقرارات قاتلة بلا مسؤول
وأبرز المستشار الأمني مخاوفه من أنظمة تتخذ قرارات بالقتل دون إشراف بشري، ما يثير تساؤلات قانونية وأخلاقية حول المسؤولية والمحاسبة. كما حذر من سباق تسلح خفي بين الدول المتقدمة تكنولوجيًا، مما قد يؤدي إلى فقدان السيطرة على أدوات مدمرة لا يمكن التنبؤ بنتائجها.

الهجمات السيبرانية المدعومة بالذكاء الاصطناعي: خطر غير مرئي
أشار د. رمضان إلى أن الهجمات السيبرانية أصبحت أكثر خطورة بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث يمكنها تحديد الثغرات تلقائيًا، وتغيير استراتيجيتها خلال التنفيذ، وتنفيذ اختراقات معقدة بأقل تكلفة، ما يصعّب كثيرًا من عمليات التتبع والتحقيق الجنائي الرقمي.
بين التهديد والتنمية: هل نحسن استخدام الذكاء الاصطناعي؟
رغم هذه التحديات، شدد جوتيريش – ووافقه د. رمضان – على أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة للنمو والازدهار إذا أُحسن استخدامه. فبإمكانه إحداث ثورة في القطاع الصحي والتعليم، وتحليل الأسواق، ومواجهة تغير المناخ، إذا ما وُضع في إطار أخلاقي صارم.

خارطة طريق لمواجهة عسكرة الذكاء الاصطناعي
اقترح د. رمضان مجموعة من التوصيات العملية لتفادي الانزلاق إلى صراعات خوارزمية:
- حوكمة الذكاء الاصطناعي: تشريعات دولية تُجرّم تطوير الأسلحة الذكية غير الخاضعة للرقابة.
- الشفافية والمساءلة: فرض معايير أخلاقية ملزمة على مطوري الأنظمة.
- توعية المجتمع: إطلاق حملات وطنية ضد التضليل والمحتوى المزيف.
- التعاون الدولي: تأسيس تحالفات لتبادل المعلومات والتصدي للهجمات الذكية.

رسالة ختامية: من يتحكم في الزناد الرقمي؟
واختتم د. رمضان بقوله: "لقد تجاوزنا مرحلة القلق من تحكم الآلة بالمصير الإنساني، وأصبحنا على أعتاب واقع تتحكم فيه الخوارزميات بقرارات مصيرية. فهل ننتظر حتى يصبح القرار بيد الآلة، أم نملك شجاعة التحكّم في مستقبلنا؟"