عاجل

هل يجوز الجمع بين رئاسة جامعة حكومية وأخرى أهلية وخاصة صدور  قرارات منها قرار رقم ٥٦٦ بتاريخ ٢٠٢٤ بشأن تعديل بعض الأحكام للائحة   التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات الخاصة والاهلية والتي تهدف إلى ضمان الشفافية، العدالة، وتفادي تضارب المصالح في المؤسسات الأكاديمية. إن هذا القرار ليس مجرد إجراء إداري، بل هو حجر الزاوية في بناء نظام تعليمي يعتمد على الكفاءة والنزاهة، ويضع مصلحة الطالب والبحث العلمي فوق أي اعتبارات أخرى.
إن وجود شخص واحد على رأس هرم جامعتين، إحداهما تتبع الدولة وتمول من الخزانة العامة للدولة وتعمل وفقًا لقواعد الربح، يفتح الباب واسعًا أمام العديد من المشاكل الجسيمة. أولاً، يتعلق الأمر بـتضارب المصالح؛ فالقرارات التي يتخذها رئيس الجامعة قد لا تكون محايدة، وقد تميل كفة المصالح الخاصة للجامعة الأهلية على حساب الجامعة الحكومية، أو العكس. هذا التضارب قد يمس تخصيص الموارد، سياسات القبول، وحتى البرامج الأكاديمية المطروحة.
ثانيًا، يؤثر هذا الجمع سلبًا على جودة الإدارة والكفاءة التشغيلية. فإدارة جامعة واحدة تتطلب جهدًا ووقتًا كبيرين، فما بالك بإدارة جامعتين في آن واحد؟ من المستحيل أن يولي الرئيس اهتمامًا كافيًا لجميع التفاصيل والمتطلبات الأكاديمية والإدارية لكلتا المؤسستين، مما يؤدي إلى تراجع الأداء العام وتدهور مستوى الخدمات التعليمية المقدمة.
ثالثًا، يمس هذا الوضع بـمبدأ تكافؤ الفرص والعدالة. فالجامعات الحكومية تمثل العمود الفقري للتعليم في أي بلد، وتهدف إلى توفير فرص تعليمية متساوية للجميع. عندما يتم الجمع بين رئاسة جامعة حكومية وأخرى أهلية، قد تُنقل الخبرات أو الموارد أو حتى الفرص الأكاديمية من الجامعة الحكومية إلى الأهلية بطرق غير مشروعة، مما يضر بسمعة ومكانة الجامعة الحكومية ويقلل من قدرتها على تحقيق أهدافها الوطنية.
إن قرار  رئيس الجمهورية  موافقة مجلس الوزراء بمنع الجمع بين رئاسة جامعة حكومية وأهلية يعكس فهمًا عميقًا لتحديات الحوكمة الرشيدة في قطاع التعليم العالي. إنه يهدف إلى حماية المؤسسات التعليمية من أي شبهة فساد أو تلاعب، ويضمن أن تكون القرارات المتخذة تصب في صالح العملية التعليمية ككل، وليس في صالح أفراد أو كيانات خاصة.
لذا، فإن الالتزام بهذا القرار ليس مجرد امتثال إجرائي، بل هو ضرورة أخلاقية ومهنية لضمان استقلالية الجامعات، نزاهة إدارتها، وجودة مخرجاتها. إن أي مخالفة لهذا القرار تستوجب المساءلة القانونية والإدارية الصارمة، لأنها تمس بمستقبل الأجيال القادمة وبمكانة التعليم العالي في الدولة.

تم نسخ الرابط