عاجل

ما سبب عودة الهجمات الحوثية ضد السفن التجارية في البحر الأحمر؟

غرق سفينة ماجيك سيز
غرق سفينة "ماجيك سيز" على يد الحوثيين بالبحر الأحمر

عادت جماعة أنصار الله الحوثي في اليمن إلى استهداف السفن التجارية في البحر الأحمر، بعد فترة هدوء نسبي استمرت منذ 18 نوفمبر 2024، حين وقع آخر هجوم معروف آنذاك. 

وقد شهد يوم الأحد الماضي 6 يوليو تصعيدًا جديدًا حين أغرقت جماعة الحوثيين سفينة "ماجيك سيز" وتسببت في غرق سفينة أخرى تُدعى "إترنيتي سي"، بحجة أنها قادمة لإسرائيل.

يأتي هذا التصعيد الحوثي بعد نحو شهرين من اتفاق توصلت إليه المليشيات مع الولايات المتحدة في مايو الماضي، ينص على وقف الهجمات ضد السفن الأمريكية وتهدئة التوترات في الممرات المائية بالمنطقة، غير أن التطورات الأخيرة تشير إلى تغير في حسابات الحوثيين.

استهداف سفينة
استهداف سفينة "ماجيك سيز" على يد الحوثيين بالبحر الأحمر

تغيير في الجغرافيا والتكتيك

في هذا الصدد أوضح الباحث السياسي ورئيس مركز جهود للدراسات، عبد الستار الشميري، في تصريحات صحفية أن المليشيات تبنّت سياسة جديدة تقوم على توسيع رقعة الاستهداف البحري. 

وقال عبد الستار الشميري إن الحوثيين نقلوا منصات إطلاق الصواريخ إلى مناطق أقرب إلى خليج عدن والبحر العربي، بعد أن كانت متمركزة سابقًا في صعدة وعمران والبيضاء.

وأكد الشميري، أن الحوثيين شرعت منذ نحو عامين في حفر أنفاق واسعة بمناطق مثل ميتم، جبل وعل، الحشا، والتعزية، إضافة إلى ما كان يُعرف سابقًا باللواء 22 في منطقة الجند، كما رُصدت شاحنات تنقل منصات وصواريخ مفككة إلى تلك المواقع، في إطار تحضير ميداني مكثف لهجمات بحرية مستقبلية.

قوارب انتحارية إيرانية

ومن ضمن الأدوات الجديدة التي يستخدمها الحوثيون في هجماتهم، كشف الشميري عن وصول قوارب حربية إيرانية من نوع "يا مهدي" إلى أيدي المليشيات، حيث تعد هذه القوارب بمثابة "مسيرات بحرية" وتعمل بطريقة انتحارية، مما يشكل تطورًا نوعيًا في قدرات الحوثيين البحرية.

ورجّح الشميري أن تكون هذه القوارب قد استُخدمت بالفعل في الهجمات الأخيرة، مشيرًا إلى أن المليشيات تقوم بتوزيع قوات بحرية جديدة من مديرية الجراحي جنوب الحديدة وصولًا إلى ميدي في محافظة حجة، مرورًا بجزيرة كمران، ضمن استعدادات لمعركة بحرية قد تكون بين إيران وإسرائيل، أو بين طهران وواشنطن، أو حتى في إطار الصراع الداخلي اليمني.

دعم بحري عبر قنوات غير تقليدية

وأضاف الباحث السياسي أن عمليات تهريب السلاح الإيراني للمليشيات لم تعد تقتصر على السواحل اليمنية، بل تتم الآن عبر سفن تجارية في عرض البحر تُستخدم كنقاط إنزال للذخائر، تُنقل لاحقًا عبر ممرات خفية.

وكشف عن وجود تنسيق بين الحوثيين وجماعة الشباب الصومالية وبعض القراصنة القدامى، في إطار سيطرة إيرانية غير معلنة على شريط بحري يمتد على نحو 5000 كيلومتر، يشمل سواحل القرن الإفريقي. 

وأضاف الشميري، فقد سلّحت طهران جماعات إفريقية خلال العامين الماضيين لدعم استراتيجيتها البحرية في المنطقة.

إعادة تعبئة إيرانية

من جهته، اعتبر الباحث السياسي اليمني حسام ردمان أن عودة الهجمات الحوثية تأتي بالتزامن مع تصاعد الضغوط على حزب الله في لبنان، ما يدل على أن إيران أعادت تعبئة حلفائها الإقليميين ضمن سياسة تصعيد منسقة.

وقال ردمان إن طهران تسعى من خلال هذا التصعيد إلى تحقيق هدفين رئيسيين: أولهما تحسين موقعها التفاوضي في الملف النووي عبر ربط أمن البحر الأحمر ونزع سلاح حزب الله بمسار المفاوضات، وثانيهما تأكيد جاهزيتها لخوض مواجهة عسكرية إقليمية، عبر تحريك وكلائها المتوقفين عن النشاط منذ يونيو الماضي.

وأضاف أن استئناف الهجمات في البحر الأحمر يمثل رسالة إيرانية مفادها أن طهران قادرة على إغلاق المضائق البحرية متى شاءت، وهو الخيار الذي تجنّبته خلال الحرب الأخيرة التي استمرت 12 يوماً مع إسرائيل.

دعوة للتحرك الأمريكي

وفي ظل هذه التطورات، دعا الشميري الولايات المتحدة الأمريكية  إلى دعم الحكومة اليمنية الشرعية، وخصوصًا قوات خفر السواحل، عبر تزويدها بأسلحة نوعية وتوفير غطاء جوي لها، معتبرًا أن هذا التحرك قد يكون مفتاحًا لتقليص الخطر الحوثي المتصاعد، والحدّ من تداعياته على الأمن البحري العالمي.

تم نسخ الرابط