عبده الصعيدي.. 70عامًا من الكفاح بين رماد البطاطا ولهيب العمر بالقليوبية

رغم تجاوزه السبعين من العمر، لا يزال "عبده الصعيدي" – رجل بسيط قادم من أعماق الصعيد – يحتفظ بوهج العطاء، بعدما أمضى أكثر من ٣٥ عامًا في شواء البطاطا على الفحم، في موقف شبين القناطر بمحافظة القليوبية، مقدمًا نموذجًا فريدًا في الكفاح والعمل الشريف.
قبل أذان الفجر بساعات، يستيقظ "عم عبده" ليبدأ رحلته اليومية في غسل البطاطا الجيدة وفرزها، ثم تجهيز عربة الشواء وإطعام حماره الوفي الذي يرافقه منذ سنوات طويلة، كأنهما شركاء في درب طويل عنوانه الصبر والرزق الحلال.
اختياره الدقيق لأجود أنواع البطاطا ذات المذاق الحلو جعله محط أنظار الزبائن، الذين يأتون إليه من مختلف مناطق القليوبية، بل ومن محافظات مجاورة، للاستمتاع بطبق بطاطا ساخن يقطعه بعناية، ويقدمه مضافًا إليه العسل أو أنواعًا خاصة من الصوصات.
آراء المواطنين: طعم لا يُنسى ورجل لا يُنسى
في حديث مع عدد من المواطنين المترددين على عربة "عم عبده"، عبّر كثيرون عن إعجابهم بجودة البطاطا وطريقة تقديمها.
قال أحمد السيد، أحد الزبائن الدائمين: "بطاطا عم عبده طعمها مختلف فعلًا.. فيها نكهة زمان، وطريقته في تقديمها مميزة جدًا، وكأنك بتاكل من إيد حد من العيلة".
أما هدى محمد، موظفة من سكان شبين القناطر، فقالت: "مافيش حد داق بطاطا عم عبده إلا ورجع له تاني.. ربنا يباركله ويعطيه الصحة، ده راجل مكافح وبيدّي درس في الإخلاص".
وأضاف مصطفى فوزي، طالب جامعي: "بحب أجي له مخصوص، مش بس عشان البطاطا، لكن كمان عشان أسمع كلامه، راجل حكيم ووشه كله رضا".
العمل حتى الرمق الأخير
وفي حديثه المعتاد، يقول عم عبده بصوته الهادئ: "العمر مجرد رقم.. أتمنى أموت وتراب السكة على رجلي"، في إشارة إلى رغبته في الاستمرار في العمل حتى آخر يوم في حياته، دون أن يكون عبئًا على أحد.
ببساطته ورضاه، أصبح "عبده الصعيدي" مثالًا يُحتذى في الصبر والكفاح، ليُثبت أن العطاء لا يرتبط بعمر، وأن الرزق الحلال لا يعرف المستحيل، وأن من أحب العمل أكرمه الله بمحبة الناس وراحة القلب والسلام النفسي وراحة البال.