عاجل

عذر أقبح من ذنب.. حكاية عبدالحميد الذي ألقي بجثة أخيه للكلاب

الضحية
الضحية

هان عليه شقيقه لم يدري كيف يوارى جثته على الرغم من أنه لم يقتله متعمدا ولم يكن بينهما أي خلافات ، إلا أن الخوف من العقاب شل تفكيره ، وجعله يرتكب الجرم الأكبر في حق جثة أخيه فلم يقصر بحقه حيا ، وإنما إهانة ميتا عندما توقف عقله ، وتبدل قلبه بحجر عندما حمل جثمانه ، وألقاه للكلاب الضالة تنهشه ، واستقل القطار ليعود إلى أسرته فيخبرهم باختفاء شقيقه في جريمة أشد قسوة من أن يكون قتله فإذا كان قد مزق جسده بسكين عامدا متعمدا لشعر بوخزة ضمير تجعله يندم على جريمته ، وكان يمكن أن يجد لها تبريرا بلحظة غضب تسببت في قتل شقيقه إلا أن ما اقترفه في حق شقيقه كان أشد إثما ، وتبريره أكثر ألما . 

تفاصيل الواقعة 

لا يكاد العقل يستوعب  تفاصيل تلك المأساة التي ارتكبها أخ في حق أخيه مهما كان العقاب الذي ينتظره عندما تخلى عنه ميتا على الرغم من ارتباطه به حيا فلم يفرقهما حتى العمل فكانا يعملان معا في أحد مشروعات الصرف الصحي يقضيان يومهما في العمل معا ويقيمان بنفس السكن ويأكلان من طعام واحد ويشربا في من نفس الإناء وكل تلك المقدمات جعلت النهاية شديدة القسوة والألم .

 طلب عبدالله من شقيقه الأكبر عبد الحميد أن يجد له فرصة عمل معه في عمله مع أحد المقاولين في مشروع للصرف الصحي بإحدى القرى بمنطقة الصف وبالفعل تحدث عبدالحميد مع المقاول الذي يعمل معه وطلب منه أن يعمل شققه الأصغر معهم بالمشروع عندما علم أنه يحتاج إلى عمال وبالفعل حضر عبدالله مع شقيقه وكانا يعملان معا في نفس المكان وبعد الانتهاء معا يقيمان في غرفة استأجراها ويتناولان الطعام معا فيضيا الليل والنهار معا وحتى العودة إلى منزلهما ليقضيا الإجازة ثم يعودان إلى استكمال العمل ولأن الأخ الأكبر عبد الحميد والبالغ من العمر (37 عاما ) فمن المفترض أنه هو المسؤول عن شقيقه الأصغر عبدالله (22 سنة ) الذي يلازمه في الأوقات كلهم فلا يفرقهما سوى النوم بل حتى النوم لا يفرقهما فهما ينامان في الحجرة نفسها .

صعق كهربائى 

وفي الأسبوع الماضي وفي أثناء عملهما في مشروع الصرف الصحي كان الأخ الأصغر عبدالله داخل حفرة الصرف الصحي والأخ الأكبر يساعده أعلى حفرة  وفي أثناء العمل وصل عبدالحميد كابل الكهرباء دون أن يخبر شقيقه مما تسبب في إصابته بصعق كهربائي , واستغاث بالمارة و قاموا بنقله إلى الغرفة التي يقيمان بها لإسعافه إلا أنه فارق الحياة .

وجلس الأخ بجوار أخيه في الغرفة يفكر كيف يوارى جثته وخشى نقلها إلى المستشفى فيكشف رجال الأمن أمره أنه من وصل الكهرباء وتسبب في وفاة شقيقه وكل ما شغله أنه سيتعرض للمساءلة القانونية  ولم يفكر في الاتصال بعائلته ولم يستشر صديقا لمساعدته على مصيبته , وبعدما أقبل الليل وعبد الحميد أمام جثة شقيقه كان القرار الذي لا يتصوره عقل فقد جرد شقيقه من كل ما يثبت شخصيته وهاتفه المحمول وحمل جثته ليلقى بها بمكان نائي على أطراف القرية ذات المتاخمة للمنطقة الصحراوية بالصف وألقاها على جانب الطريق وتركها وانصرف لتتجمع حولها الكلاب الضالة التي حاولت نهش الجثة وطلب  إجازة من المقاول واستقل القطار وفي أثناء سيره ألقى متعلقات شقيقه وهاتفه فلم يفكر حتى في أن تبقى معه كذكرى لشقيقه الذي هانت عليه جثته قبل متعلقاته وعاد إلى أسرته أن حضر في إجازة وأن شقيقه بالعمل حتى يخفي معالم جريمته .

الأمن يكشف تفاصيل الجريمة 

وبينما عبد الحميد بمنزل أسرته عثر المارة على جثة شقيقه و قاموا بإبلاغ الرائد أحمد السويركي رئيس مباحث الصف الذي انتقل إلى المكان وتبين أن الجثة لشخص لا يوجد بحوزته أي إثبات شخصية ونُقِلَت الجثة إلى مشرحة المستشفى , ومن خلال الفحص تبين أن الضحية تعرض لصعق كهربائي .

وفور إخطار اللواء محمد الشرقاوي مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة أمر بتشكيل فريق بحث لكشف ملابسات الواقعة وخلال تحقيقات رجال الأمن بإشراف اللواء هاني شعراوي مدير المباحث الجنائية بالجيزة تعرف بعض أهالي القرية على الجثة وقرروا أنها لعامل بالصرف الصحي وتبين أنه كان يعمل بصحبة شقيقه الذي اختفى .

وتوصلت التحريات التي أشرف عليها العميد محمد مختار رئيس مباحث قطاع جنوب الجيزة أن شقيق الضحية كان يعمل معه في نفس يوم العثور على الجثة والذي تبين أنه سافر إلى بلدته وبينما يجلس عبد الحميد بصحبة أسرته ويراقب جريمته عن بعد ليتأكد أن الشبهات بعيدة عنه فوجئ بمأمورية من قسم شرطة الصف بقيادة العقيد محمد العشري مفتش مباحث الصف وأطفيح تلقى القبض عليه بل كانت الصدمة الأكبر لعائلته الذين اعتقدوا أنهم ائتمنوه على شقيقه فلم يصن الأمانة , وأمام رجال الأمن انهار واعترف بتفاصيل الواقعة وأن شقيقه أصيب بصعق كهربائي في أثناء عملهما بعد توصيله كابل الكهرباء فألقى جثته بمكان العثور عليه خوفا من المساءلة القانونية ليقدم عذر أقبح من الذنب الذي ارتكبه ويحرر محضر بالواقعة وأمر اللواء سامح الحميلي بإخطار النيابة التي تولت التحقيق .

تم نسخ الرابط