أستاذة علوم سياسية: ترشيح ترامب يُفرغ جائزة نوبل من محتواها

في ظل استمرار الصراعات المسلحة في مناطق عدة حول العالم، لا سيما في الشرق الأوسط، يتصاعد الجدل بشأن ترشيح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لنيل جائزة نوبل للسلام، وسط انتقادات حادة من خبراء سياسيين وأكاديميين.
حلم ترامب بالحصول على جائزة السلام يأتي في وقت لا تزال فيه الحروب مشتعلة في مناطق مثل قطاع غزة، حيث تتواصل العمليات العسكرية العنيفة بين الاحتلال الإسرائيلي والفلسطينيين، بدعم أمريكي واضح. كما تواصل الحرب بين روسيا وأوكرانيا زعزعة الاستقرار الدولي، ما يطرح تساؤلات جادة حول مدى جدية ترشيح ترامب لهذه الجائزة.
إلا أن باكستان رشحت ترامب للجائزة بسبب وقف الحرب مع الهند، رغم أن الهند أعلنت أن وقف الحرب جاء بقرار من الطرفين دون وسيط أمريكي أو غيره، ونتنياهو الذي يرتكب العدوان على غزة حتى هذه اللحظة قد رشحه أيضًا لجائزة نوبل زاعمًا أنه يستحقها بجدارة ، الأمر الذي يطرح تساؤلًا هل ترامب يستحق جائزة نوبل للسلام؟
ترامب وجائزة نوبل للسلام
في هذا الصدد اعتبرت الدكتورة نيفين وهدان، أستاذة العلوم السياسية، أن ترشيح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لنيل جائزة نوبل للسلام، يُمثّل تناقضًا صارخًا مع المبادئ التي تأسست عليها الجائزة، ويعكس أزمة أخلاقية في معايير الترشيح، خاصة في ظل سجله السياسي الذي لا يتضمن أي إنجاز حقيقي في مجال إنهاء النزاعات أو تعزيز السلام.
وقالت الدكتورة نيفين وهدان في حديث خاص لموقع نيوز رووم إن الجائزة التي أوصى بها العالم السويدي ألفريد نوبل عام 1895 جاءت لتكريم من يسهم فعليًا في إنهاء الحروب ونزع فتيل النزاعات المسلحة، لا من يديرها لصالح حساباته السياسية أو يستثمر في استمرارها"، مشددة على أن نوبل لم تكن يومًا جائزة رمزية تُمنح للاستهلاك الإعلامي أو لتعزيز الرصيد الانتخابي، بل معيارًا أخلاقيًا يُقاس فيه الأثر الفعلي في حماية الإنسان وكرامته.

وأضافت وهدان أن الجدل المتصاعد حول ترشيح ترامب للجائزة يأتي في توقيت بالغ الحساسية، لا سيما بعد لقائه الأخير مع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال ذروة العمليات العسكرية في قطاع غزة، والتي شهدت، وفق تقارير أممية، استهدافًا مباشرًا للمدنيين وتهجيرًا قسريًا وانتهاكات ترقى إلى جرائم إبادة.
وأكدت أن ترامب لم يصدر عنه أي موقف يدين هذه الانتهاكات، ولم يطرح أي مبادرة واقعية لوقف إطلاق النار أو حماية المدنيين، بل ظهر منحازًا بالكامل للرؤية الإسرائيلية.
وتابعت أن ترامب لا يملك في سجله السياسي أي مبادرة تؤهله للجائزة، سواء خلال ولايته السابقة أو الحالية"، مشيرة إلى أن "صفقة القرن" التي أطلقها أسقطت قضايا جوهرية مثل القدس واللاجئين، وشرعنت الاستيطان، وقوضت فرص التسوية العادلة، كما انسحب من الاتفاق النووي الإيراني، وأدى إلى تعميق الاستقطاب في المنطقة بدلًا من نزع فتيله.
وأوضحت أن المعايير التي تمنح على أساسها الجائزة واضحة، وترامب لم يُنهِ نزاعًا، ولم يُرَسخ بنية سلمية، ولم يتبنَّ خطابًا جامعًا أو يحترم القيم الجوهرية للجائزة، بل استخدم أدوات الضغط والانحياز بدلًا من الوساطة والإنصاف.
وختمت الدكتورة نيفين وهدان بالقول: "إن منح الجائزة لشخص لا يؤمن بقيمها يُعد تفريغًا لمحتواها، وإهانة رمزية لكل الضحايا الذين صُمّمت الجائزة لتكريم من يحميهم، فترامب ليس صانع سلام، بل رجل صفقات، والصفقات لا تصنع سلامًا، بل تفرض وقائع لصالح الأقوى.
