حكم صيام المريض إذا نهاه الطبيب عن الصوم في رمضان.. مفتي الجمهورية يُجيب

أكد فضيلة الأستاذ الدكتور نظير محمد عياد – مفتي الجمهورية – أن صيام المريض الذي نهاه الطبيب الثقة المختص عن الصوم في رمضان خوفًا من الهلاك أو مضاعفات المرض محرمٌ شرعًا، ويجب عليه الإفطار. وأضاف فضيلته أن من يُصر على الصيام رغم تحذير الأطباء يعرض نفسه للهلاك ويكون آثمًا لمخالفته تعاليم الشرع الحنيف التي تدعو إلى حفظ النفس وتجنب كل ما يؤدي إلى الضرر أو الهلاك.
وجوب الفطر للمريض إذا خاف الضرر أو الهلاك
استند فضيلة المفتي في فتواه إلى الأدلة الشرعية التي تؤكد أن حفظ النفس مقدمٌ على العبادات في الإسلام، ومنها قول الله تعالى:
"وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ" [البقرة: 195].
وقوله تعالى:
"وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا" [النساء: 29].
وشدد على أن الشريعة الإسلامية قائمة على رفع الحرج عن المكلفين، حيث قال الله تعالى:
"يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ" [البقرة: 185].
كما أشار إلى قاعدة فقهية أصيلة وهي "الضرر يُزال"، مما يعني أن أي عبادة يُؤدي القيام بها إلى الضرر بالنفس، فإن الشرع يأمر بتركها حفاظًا على سلامة الإنسان.
ماذا يفعل المريض إذا أفطر؟
أوضح فضيلة الدكتور نظير محمد عياد أن المريض إذا أفطر في رمضان بناءً على توصية طبية موثوقة، فإن الحكم الشرعي في حقه ينقسم إلى حالتين:
1.إذا كان المرض مؤقتًا:
يجب عليه قضاء ما فاته من أيام الصوم بعد تمام شفائه واستقرار حالته الصحية.
2.إذا كان المرض مزمنًا أو لا يُرجى شفاؤه:
يلزمه إخراج فدية، وهي إطعام مسكين عن كل يوم أفطره.
وأشار فضيلته إلى أن مقدار الفدية هو إطعام مسكين وجبة مشبعة أو ما يعادلها نقدًا، ويتم إخراجها يوميًا أو دفعة واحدة في نهاية الشهر.
وفي حال تعذر إخراج الفدية بسبب العجز أو الفقر، تسقط عنه ولا يُطالب بها، مستندًا إلى قوله تعالى:
"لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا" [البقرة: 286].
الإثم في مخالفة أمر الطبيب
أكد فضيلة المفتي أن المريض الذي يُصر على الصيام رغم وجود ضرر مؤكد أو تحذير طبي موثوق يأثم شرعًا؛ لأن الله تعالى نهى عن الإلقاء بالنفس إلى التهلكة.
وقد أجمع الفقهاء من المالكية، والشافعية، والحنابلة، والأحناف على أن المريض إذا خشي تفاقم المرض أو الهلاك، وجب عليه الإفطار، ولا يجوز له الصيام.
ونقل فضيلته أقوال العلماء في هذا الباب:
الإمام الكاساني (من فقهاء الحنفية) في كتاب "بدائع الصنائع" قال:"إذا خاف الإنسان من الصوم على نفسه الهلاك أو تفاقم المرض، كان الإفطار واجبًا".
الإمام ابن جزَي المالكي في كتاب "القوانين الفقهية" قال: "إذا خشي المريض الهلاك أو الضرر من الصيام، فالفطر في حقه واجب".
الإمام الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" أكد:
"يجب الفطر إذا خشي الهلاك بالصوم، ويأثم بترك الإفطار".
الإمام المرداوي الحنبلي في كتاب "الإنصاف" قال:
"إذا خاف المريض زيادة المرض أو طول مدته بسبب الصيام، يُكره صيامه إجماعًا".
خلاصة الحكم الشرعي
1.وجوب الإفطار على المريض إذا أخبره الطبيب الثقة أن الصوم سيؤدي إلى الهلاك أو المضاعفات الصحية.
2.الإثم والمخالفة تقع على من يتعمد الصيام رغم وجود ضرر صحي مؤكد.
3.إذا كان المرض مؤقتًا، فعليه القضاء بعد الشفاء.
4.إذا كان المرض مزمنًا، فعليه إخراج فدية عن كل يوم، وهي إطعام مسكين.
5.لا شيء عليه إذا لم يتمكن من إخراج الفدية بسبب الفقر أو العجز.