محمد صلاح يكشف المستور: عقود اللاعبين في مصر مليئة بالتلاعب والدولة تخسر

ألقى النجم السابق لنادي الزمالك ومنتخب مصر، محمد صلاح، الضوء على إحدى أخطر الأزمات التي تضرب كرة القدم المصرية من الداخل: التلاعب في عقود اللاعبين.
صلاح، الذي يُعد أحد الشخصيات البارزة في الوسط الكروي، أكد أن الجدل الدائر مؤخرًا بشأن وجود اختلافات صارخة بين العقود الموقعة فعليًا بين الأندية واللاعبين، وتلك التي تُسجل رسميًا داخل أروقة اتحاد الكرة المصري، ليس وليد اللحظة، بل هو أزمة متجذرة وممتدة منذ سنوات طويلة.
خلال استضافته في برنامج "يا مساء الأنوار"، الذي يقدمه الإعلامي البارز مدحت شلبي على قناة "MBC مصر 2"، لم يتردد محمد صلاح في الإشارة بأصبع الاتهام إلى غياب الشفافية الكامل عن ملف عقود اللاعبين في الكرة المصرية. وصرح صلاح بصوت واضح ومُفعم بالمرارة: "الشفافية غايبة تمامًا عن ملف عقود اللاعبين في الكرة المصرية، وذلك منذ سنة 2000 مش من دلوقتي". هذا التأكيد على أن الأزمة تعود لأكثر من عقدين من الزمان يُعطي بُعدًا خطيرًا للمشكلة، ويُشير إلى تراكم الإهمال والفساد المحتمل على مر السنين.
ما فجره صلاح من حقائق لم يتوقف عند غياب الشفافية، بل تطرق إلى أمثلة صادمة تُبرز حجم التلاعب. فقد كشف عن وجود لاعبين في "دوري المحترفين" – وهو أحد الأقسام الأدنى في الكرة المصرية – تبلغ عقودهم الرسمية المسجلة لدى الاتحاد "10 آلاف جنيه فقط!". هذا الرقم الهزيل، الذي لا يتناسب بأي شكل من الأشكال مع واقع الاحتراف ومتطلبات الحياة، يفتح "علامة استفهام كبيرة على سكوت المسؤولين في مصر". ويعزز صلاح تحذيره بالقول: "لأن اللي بيحصل ده بيضيع على الدولة أموال كبيرة". تُشير هذه العبارة إلى احتمالية التهرب الضريبي أو التحايل على اللوائح المالية من خلال تسجيل قيم عقود أقل بكثير من قيمتها الحقيقية، مما يُفقد خزينة الدولة إيرادات ضريبية مستحقة، ويؤثر سلبًا على الاقتصاد الوطني.
وشدد نجم الزمالك السابق على أن الوقت قد حان للتدخل الفوري والحاسم من قبل الجهات المعنية لوضع حد لهذه الفوضى المستمرة. ووجه نداءً صريحًا إلى السلطات، قائلاً: "لازم الدولة تدور على حقها، واتحاد الكرة كمان يدور على حقه في مسألة عقود اللاعبين". هذا النداء ليس مجرد صرخة غضب، بل هو دعوة واضحة للمحاسبة والشفافية. صلاح يُطالب بضرورة قيام الدولة، ممثلة في الأجهزة الرقابية المعنية بالتهرب الضريبي أو مخالفات القوانين المالية، بتحقيقات شاملة لكشف الحقائق ومحاسبة المتورطين. كما يُلقي بالمسؤولية على اتحاد الكرة المصري، الذي يُفترض أن يكون هو الجهة الرقابية الأولى على الأندية والعقود، مطالبًا إياه بتفعيل دوره في حماية حقوق الأندية واللاعبين والدولة على حد سواء.
إن تصريحات محمد صلاح تُعيد إلى الواجهة ملفًا شائكًا لطالما أُثيرت حوله الأقاويل، لكن هذه المرة تأتي من شخصية كروية ذات مصداقية وتجربة طويلة. هذه الأزمة، إن لم تُعالَج بجدية، فإنها تُهدد بتقويض أسس الاحتراف في مصر، وتُفقد الثقة في المنظومة الكروية بأكملها، وتُلقي بظلال من الشك على نزاهة المعاملات المالية في الأندية.