سياسي سوري: منشورات «تطهير المسيحيين» تهدد استقرار سوريا ومفهوم الدولة

أكد اللواء محمد عباس، خبير الشأن السوري، أن الظهور الأخير لمنشورات تحرّض ضد المسيحيين في بعض الأحياء السورية يشكل تهديدًا مباشرًا لمفهوم المواطنة، ويضع مصداقية الدولة السورية أمام المجتمع الدولي تحت التساؤل.
وأوضح عباس أن هذه المنشورات تدعو بشكل صريح إلى "تطهير أرض الشام من عبدة المسيح"، وهو ما يتناقض مع محاولات الحكومة السورية المؤقتة تقديم نفسها كدولة مدنية تحتضن جميع مواطنيها دون تمييز ديني أو طائفي.
وحذر الخبير من أن استمرار انتشار هذه المنشورات قد يؤدي إلى تفكيك النسيج الاجتماعي ويقوّض جهود التعايش السلمي بين مختلف الطوائف في سوريا.

دولة المواطنة في خطر.. والغرب يراقب
وأوضح عباس في تصريحات خاصة لـ"نيوز رووم" أن الحكومة السورية المؤقتة أعلنت عبر خطابها الإعلامي أنها لا تتبنى الفكر المتطرف، وتؤمن بمبدأ المساواة بين المواطنين، إلا أن الواقع الميداني يناقض هذه التصريحات، خاصة مع تنامي خطاب الكراهية ضد المسيحيين، مشيرًا إلى أن الغرب يتعامل مع الحكومة بناءً على هذا الإعلان، لكن تكرار هذه الحوادث يثير الشكوك حول جدية التوجهات المعلنة.
130 فصيلاً مسلحاً بمفاهيم متباينة.. والتطرف حاضر
وأشار إلى أن أكثر من 130 فصيلًا مسلحًا ينتمي إلى ما يُعرف بـ"جيش الثورة" أو منظومة الثورة، تحمل أيديولوجيات متباينة بشأن فهم الإسلام وتطبيق الشريعة، مؤكدًا أن الشعب السوري بطبيعته غير متطرف، وعاش لقرون ضمن مكونات دينية وعرقية متعددة دون نزعات إقصائية، إلا أن بعض الفصائل الدخيلة ترتبط بتنظيمات متطرفة مثل القاعدة، وتتبنّى مفهومًا للجهاد يبرر تكفير الآخرين وتهديد الأقليات.
نماذج ميدانية للانتهاكات ضد المسيحيين
ولفت اللواء عباس إلى حوادث واقعية، مثل مرور سيارات في أحياء ذات غالبية مسيحية تذيع دعوات إلى اعتناق الإسلام ونبذ الدين المسيحي، وهو ما وصفه بـ"عرض غير موفق للإسلام"، مذكرًا بقوله تعالى: "ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك". كما أشار إلى تفجير كنيسة مار إلياس، وغيره من الانتهاكات في الجغرافيا السورية، مؤكدًا أن سوريا بلد غني بتنوعه ولا يحتمل محاولات الإقصاء والتكفير.
التحريض ضد المسيحيين يهدد الاستقرار والأمن
كما وصف اللواء عباس المنشورات التحريضية بأنها انتهاك لروح المواطنة، وتستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، وتشكل تهديدًا مباشرًا لصورة الدولة أمام العالم، خصوصًا أن الجهات المتطرفة تصف الغرب بالكفر، رغم اعتمادها على التكنولوجيا الغربية لبث رسائلها. وشدد على أنه لا مصلحة للحكومة السورية في الترويج لهذه الرسائل، محذرًا من أن الهدف الحقيقي لهذه الحملات هو تخريب أي مسار نحو الاستقرار.

الاستيلاء على أملاك الأقليات.. سلوك إرهابي ممنهج
وسلّط خبير الشأن السوري الضوء أيضًا على ممارسات غير قانونية في بعض المحافظات مثل حمص، حيث يتم طرد سكان مسيحيين وأقليات من منازلهم وأراضيهم، تحت ذرائع مثل "مشاريع زراعية" أو إسكان المهجّرين، مؤكدًا أن هذا السلوك يمثّل إرهابًا منظمًا يهدف إلى تغيير البنية الديمغرافية، ويتعارض تمامًا مع أي توجه نحو بناء دولة مستقرة.
إسرائيل المستفيد الأول.. وسيناريو التقسيم حاضر
وفي ختام تصريحاته، أكد اللواء محمد عباس أن ما يحدث ليس وليد اللحظة، بل هو جزء من مخطط إسرائيلي قديم لتفكيك سوريا، مشيرًا إلى وثائق مثل "كيفونيم 1981" والاختراق النظيف" (Clean Break) التي أعدّها فريق ناتنياهو، والتي تستهدف تدمير سوريا والعراق ومصر ضمن مشروع "الشرق الأوسط الجديد". وأضاف:"إسرائيل لا ترغب في رؤية سوريا مستقرة، والمخططات قد تتغير تكتيكياً لكن الهدف الاستراتيجي يظل كما هو".