بعد قرار التضامن بإحياء «التكايا».. أصل التكية ووظائفها الاجتماعية والدينية

أعلنت الدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماع، أثناء لقاء لها مع محرري الوزارة، أن هناك مبادرة لإعادة إحياء فكرة التكية الإسلامية، كمبادرة اجتماعية وإنسانية تستهدف تقديم الطعام للفئات الأوْلى بالرعاية.
أصول التكية
أوضحت الوزيرة، أن التكية تعود جذورها إلى الحضارة الإسلامية، وانتقلت لاحقًا إلى دول أوروبية مثل فرنسا وسويسرا، حيث ظهرت هناك مبادرات مشابهة تحت مسمى مطبخ «القلب المقدس» تقدم من خلالها الجمعيات الخيرية وجبات مجانية للمحتاجين.
التكايا: تطور المؤسسات الدينية والاجتماعية في العصور الإسلامية
تُعدّ التكايا (جمع: تكية) من العمائر الدينية ذات الأهمية التاريخية، التي ازدهرت في العصر العثماني في مناطق مختلفة مثل الأناضول والولايات التابعة للدولة العثمانية، إضافة إلى سلطنة مغول الهند وإيران في فترة ما قبل الصفويين، وقد نشأت التكايا في الأساس لتكون مأوى للمتصوفين المنقطعين للعبادة، ومحطة استراحة لمساعدة عابري السبيل، والتكية في الأساس هي تطور للخانقاة، التي أدخلت إلى مصر في عهد صلاح الدين الأيوبي.
التكية: تطور لمفهوم "المأوى"
في العصر الحديث، تطور مفهوم التكية ليشير إلى المأوى أو الملجأ للفقراء والمسافرين، أو حتى لرعاية المحتضرين، وعادةً ما يتم الإنفاق على هذه المؤسسات من قبل جهات أو منظمات دينية، مما يؤكد دورها الاجتماعي والإنساني.
أصل التسمية ودورها المتغير
كلمة تكية هي كلمة فارسية تعني «مكان الاستراحة»، وتعني «الوسادة»، وتعني «دعامة شيء»، وقد استخدمت الكلمة في الأردية والبنجابية بنفس المعنى، وقد تسللت الكلمة للعامية المصرية، حيث نجد الوصف العامي لكلمة «وسادة» بـ«تكاية» ببعض المناطق وخصيصًا القاهرة.
والتكية هي تطور عن الخانقاة، وهي مكان عبادة وإقامة المتصوفة، والذي أدخل الصوفية إلى مصر، كان صلاح الدين الأيوبي، سنة 1169م، وذلك لمواجهة المد الشيعي الإسماعيلي، الذي حاولت الدولة الفاطمية نشره بين المصريين، وكانت أول خانقاة في مصر، هي خانقاة سعيد السعدا الموجودة في حي الجمالية بالقاهرة.
وتطورت الخانقاوات بشكل كبير للغاية في العصر المملوكي، 1250م - 1517م، حيث أصبحت معاهد علمية، ومكان للدراسة والتأمل والتعبد، والتي تخضع بشكل كامل إلى رعاية السلاطين، وكان من يقيم فيها هم علماء عابدين زاهدين مجاهدين، وبذا كانت الخانقاة لها وظيفة علمية بجانب الوظيفة الثانية وهي الإيواء، وكانت الخانقاوات متنافسة مع المدارس في العلم.
مع بداية العصر العثماني في مصر، 1517م، تحولت الخانقاوات إلى ما يسمى بالتكايا، والتي أخذت على عاتقها مهمة جديدة، وهي علاج المرضى، وهو الدور الذي كانت تقوم به البيمارستانات «المستشفيات» في العصرين الأيوبي والمملوكي.
ثم تطور دور التكايا ليشمل إقامة العاطلين عن العمل من العثمانيين المهاجرين والنازحين إلى الولايات الغنية مثل مصر والشام، ومن هنا، بات يُطلق عليها اسم «التكية» بمعنى مكان يسكنه الدراويش وكلمة الدارويش تُلطق على أتباع الطرق الصوفية، وعلى الغرباء، وعلى من ليس له مورد رزق ثابت.
وكانت التكايا تعتمد على الأوقاف والرواتب الشهرية، مما أكسبها اسمها، حيث كان سكانها «متكئين» أو معتمدين على هذه الأرزاق، استمر سلاطين آل عثمان وبكوات المماليك والأعيان من المصريين في الإنفاق على هذه المباني وسكانها.
العمارة المميزة والفرق بين التكية والخانقاه
كانت معظم التكايا تتألف من عدة أقسام معمارية مميزة، وهي الصحن: قاعة داخلية واسعة.
السمعخانة: قاعة مخصصة للذكر والصلاة والرقص الصوفي الدائري (المولوية).
غرف للمريدين: أماكن نوم الدراويش.
غرفة استقبال للعامة.
قسم الحريم لعائلات الدراويش.
قاعة طعام جماعية ومطبخ.
مكتبة ودورات مياه ومستحم.
تميزت أسقف التكايا بقباب متفاوتة الحجم، حيث تغطى حجرة الدرس بقبة كبيرة، وغرف سكن الدراويش بقباب أقل ارتفاعًا.
الالتزام الدراسي
في الخانقاه، كانت الدراسة إجبارية، ويتولى مشيختها كبار العلماء والفقهاء، وتمنح الدارسين إجازات علمية، أما في التكية، فلا يوجد التزام على المقيمين بها، ولا تقام فيها فصول دراسية منتظمة، وإن كانت تعقد فيها محاضرات للوعظ والإرشاد وحلقات الذكر.
الاستقلالية المعمارية
عمارة التكية عادة ما تكون مستقلة بذاتها، بينما قد تكون الخانقاه جزءً من جامع أو مدرسة
التصميم المعماري
يحتوي كلاهما على صحن (فناء مكشوف)، لكن صحن الخانقاه تحيط به إيوانات متعامدة تستخدم للدراسة، وفي أركانه توجد خلاوي الصوفية (غرف سكنية).
أما التكية، فصحنها المكشوف يحيط به أربع ظلات، كل ظلة مكونة من رواق واحد، وخلف كل رواق توجد حجرات الصوفية السكنية، وتكون دائمًا من طابق واحد أرضي، بخلاف الخانقاوات التي قد تتعدد طوابقها.
غياب المئذنة والمنبر
ليس بالتكية مئذنة أو منبر، فهي ليست جامعًا أو مدرسة، بل تحتوي على حجرة صغيرة بها محراب لإقامة الصلوات وحلقات الذكر.
أشهر التكايا العثمانية في القاهرة:
التكية السليمانية: أنشأها الأمير العثماني سليمان باشا عام 950 هـ في منطقة السروجية.
التكية الرفاعية: أنشئت عام 1188 هـ في بولاق، وتخص الطريقة الرفاعية الصوفية.
تكية الدراويش "المولوية": وهي من أشهر التكايا العثمانية التي ما زالت مستخدمة حتى الآن، حيث يشغلها مسرح الدراويش التابع لقطاع المسرح بوزارة الثقافة المصرية.