أمريكا تحسم موقفها: لا انسحاب شامل من الشرق الأوسط وقواتنا ستظل موجودة

تستعد الولايات المتحدة لبدء سلسلة تغييرات في تمركز قواتها بالشرق الأوسط، تشمل تخفيضًا طفيفًا في عدد الجنود والمعدات، في إطار إعادة تموضع عسكري يراعي التوازن بين التهديدات الإقليمية وتقليل الوجود الأمريكي المباشر.
وأكد مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية، أن هذه الخطوات لم يُعلَن عنها رسميًا بعد، التزامًا بالإجراءات الأمنية المعتادة، بانتظار بيان من وزير الدفاع، وأشار إلى أن بعض الأصول العسكرية، مثل المدمرة "سوليفان"، تم سحبها بالفعل من شرق المتوسط، فيما يُتوقع تقليص عدد الطائرات الثقيلة في قاعدة دييجو جارسيا بالمحيط الهندي، في ظل تراجع احتمالات التصعيد الإيراني ضد إسرائيل.
وكان الوجود الأمريكي المكثف قد تصاعد في المنطقة عقب الضربات الإسرائيلية لإيران، بهدف طمأنة الحلفاء وردع الخصوم، لكن مع دخول مرحلة "ما بعد القصف"، أصبح من الممكن تخفيف هذا الحشد.
خروج مرتقب لحاملة "كارل فينسون"
وفي خطوة لافتة، تستعد حاملة الطائرات "كارل فينسون" لمغادرة منطقة القيادة المركزية الأمريكية، على أن تعبر قريبًا البحر الأحمر وقناة السويس، حسبما ذكر مسؤول في البنتاجون، ورغم ذلك، أكدت المصادر العسكرية أن واشنطن ستُبقي على حاملة طائرات واحدة على الأقل في المنطقة، مع مجموعة من السفن والمدمرات والغواصات.
وتحتفظ القوات الأمريكية حاليًا بوجود كبير يشمل قوات جوية، أنظمة دفاعية، وآلاف الجنود في الخليج العربي والبحر الأحمر وشرق المتوسط، إلى جانب نحو 1500 جندي في سوريا، يُتوقع أن يتقلص عددهم إلى أقل من ألف، و2500 آخرين في العراق، حيث ينص اتفاق مع بغداد على سحب القوات من القواعد الرئيسية بحلول نهاية سبتمبر، مع بقاء عدد محدود في كردستان لعام إضافي.
حسابات جديدة في "البنتاجون"
يتواصل الجدل داخل وزارة الدفاع حول الحجم الأمثل للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط، خاصة مع ارتفاع حجم الانتشار العسكري مقارنة بما كان عليه قبل أربع أو ثماني سنوات، رغم تراجع التهديدات المباشرة، ويقول مسؤولون إن "واشنطن لا تزال تحتفظ بقدرات هائلة في المنطقة، قادرة على الردع والاستجابة لأي طارئ".
الشرق الأوسط.. منطقة المفاجآت
ورغم التقييمات التي تشير إلى غياب خطر داهم حاليًا، إلا أن مسؤولين في "البنتاجون" شددوا على أن الانسحاب سيتم تدريجيًا، محذرين من أن الشرق الأوسط "منطقة مفاجآت لا يمكن التنبؤ بها"، وأكدوا أن خفض بعض القوات لا يعني تخلّيًا عن المنطقة، بل ضبطًا للتمركز وفقًا للمعطيات الأمنية.
فشل "عقيدة كوريللا"؟
تثير هذه التغييرات تساؤلات حول فاعلية الاستراتيجية التي تبناها قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال مايكل كوريللا، والتي ركزت على توجيه ضربات عن بُعد لإيران والحوثيين، وبحسب مصادر فإن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أُعجب بالخطة لكونها محدودة الزمن ولا تتطلب تدخلًا بريًا واسعًا، إلا أن واقع الأحداث يشير إلى أن هذه الاستراتيجية لم تحقّق نجاحًا حاسمًا، سواء في ردع إيران أو إنهاء تهديد الحوثيين.
في النهاية، تبرز هذه التطورات كمؤشر على تغير في أولويات السياسة الدفاعية الأمريكية، مع الاستمرار في التأكيد على أهمية الشرق الأوسط، لكن من خلال وجود عسكري "أكثر رشاقة" وتوازنًا مع التحديات العالمية الأخرى، وعلى رأسها الصين.