إيلون ماسك يعلن تأسيس "حزب أمريكا".. صراع جديد على الساحة السياسية الأمريكية

في خطوة غير متوقعة هزّت المشهد السياسي الأمريكي، أعلن رجل الأعمال الشهير إيلون ماسك أمس السبت، عبر منشور على منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، عن تأسيس حزب سياسي جديد تحت اسم "حزب أمريكا"، مؤكدًا أن هدفه الرئيسي هو استعادة الحرية للشعب الأمريكي.
كتب إيلون ماسك قائلاً: "أنتم تريدون حزبًا سياسيًا جديدًا وستحصلون عليه!"، وأضاف في تغريدة لاحقة: "عندما يصل الأمر إلى إفلاس بلادنا جراء إهدار المال والارتشاء، نحن نعيش مع نظام الحزب الواحد، وليس في ديمقراطية. اليوم تم تشكيل حزب أمريكا لإعادة الحرية إليكم".
هذا التصريح يعكس نبرة تحدٍ مباشرة للنظام الحزبي الأمريكي الحالي، والذي يتكوّن أساسًا من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، ويفتح الباب أمام مواجهة سياسية حادة قد تعيد تشكيل ملامح الانتخابات الرئاسية المقبلة.
إعلان غير مفاجئ
إعلان إيلون ماسك عن تأسيس "حزب أمريكا" لم يأتِ من فراغ؛ إذ سبق أن عبّر في أواخر يونيو الماضي عن رغبته في تشكيل كيان سياسي جديد، وذلك إثر خلافه العميق مع القانون الجديد الذي طرحته إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب بشأن الإنفاق الحكومي والضرائب.
ورغم أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصف هذا القانون بـ"الضخم والجميل"، إلا أن إيلون ماسك انتقده بشدة، معتبرًا أنه يساهم في ترسيخ الفساد ويزيد من تبديد أموال دافعي الضرائب.
ويرى إيلون ماسك أن السياسات المالية الحالية لا تخدم مستقبل البلاد، بل تدفعها نحو الإفلاس. وهذا ما دفعه إلى اتخاذ قرار بتشكيل كيان سياسي مستقل يسعى ـ بحسب وصفه ـ إلى حماية الحريات والحد من السلطة الفيدرالية.
مغامرة غير محسوبة
إعلان إيلون ماسك عن حزب جديد يطرح تساؤلات عميقة حول مدى واقعية هذا المشروع السياسي، خاصة أن النظام الأمريكي بطبيعته يصعّب كثيرًا دخول أطراف ثالثة على خط المنافسة الرئاسية.
ولكن طموح إيلون ماسك، المدفوع بثروته الهائلة وتأثيره الكبير على مواقع التواصل الاجتماعي، قد يمنحه دفعة قوية لتشكيل قاعدة شعبية مؤثرة، خاصة بين الشباب ورواد التقنية.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن "حزب أمريكا" سيعتمد في خطابه على مبادئ تقليص النفقات الحكومية، مكافحة الفساد السياسي، دعم الحريات الفردية، وتحفيز الابتكار التكنولوجي كأداة للنهوض بالاقتصاد.
مخاوف من تداعيات القانون الجديد
القانون الجديد الذي تسبب في الخلاف بين ماسك وترامب يهدف من حيث المبدأ إلى خفض الإنفاق وتقليص العجز في الميزانية والدين العام، وهو ما يُعد مطلبًا أساسيًا للعديد من الاقتصاديين والمواطنين على حد سواء.
إلا أن كثيرًا من الخبراء حذّروا من أن هذه الخطوة قد تأتي بنتائج عكسية، وتزيد من العجز بدلًا من معالجته، خاصة مع ما تتضمنه من تخفيضات ضريبية كبيرة للشركات الكبرى.
هنا، ويرى إيلون ماسك أن هذه السياسات تصب في مصلحة النخب الاقتصادية وتُهمل الطبقة الوسطى والعاملة، مشددًا على ضرورة وجود بديل سياسي حقيقي يعيد التوازن إلى القرار الاقتصادي الأمريكي.
ترامب يهاجم ماسك
زمن ناحية أخرى، لم يتأخر رد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي قلل من شأن إعلان ماسك، وهاجمه بشكل شخصي، حيث قال إن ماسك قد يُجبر على العودة إلى جنوب إفريقيا – مسقط رأسه – في حال فقدان الدعم الحكومي الذي كان يستفيد منه في مشاريع تكنولوجية سابقة، منها "تسلا" و"سبيس إكس".
هذا التصعيد بين شخصيتين نافذتين يفتح فصلاً جديدًا في التوتر داخل صفوف التيار المحافظ في أمريكا، وربما يعيد رسم التحالفات داخل الحزب الجمهوري، ويؤثر على حملات الانتخابات الرئاسية لعام 2028.
مستقبل الحزب الجديد
رغم الجدل الواسع، يظل من المبكر الحكم على مدى نجاح "حزب أمريكا". فالتحديات أمامه جسيمة، تبدأ من متطلبات الاعتراف القانوني والتمويل، إلى تشكيل هيكل حزبي فعّال قادر على المنافسة في الانتخابات المحلية والاتحادية ومع ذلك، فإن وجود شخصية مثل إيلون ماسك على رأس المشروع قد يمنحه زخمًا إعلاميًا وشعبيًا غير مسبوق.
ويبقى السؤال الأهم: هل يستطيع إيلون ماسك تحويل الحزب إلى قوة ثالثة حقيقية في السياسة الأمريكية، أم أن "حزب أمريكا" سيكون مجرد حلقة جديدة من حلقات الجدل حول دور رجال الأعمال في الحياة السياسية؟