مسجد الأمير عبد القادر.. تحفة فنية تجمع بين العمارة الشرقية والمغاربية

في قلب مدينة قسنطينة، عاصمة الشرق الجزائري، يقف مسجد الأمير عبد القادر كأحد أبرز المعالم الإسلامية وأكثرها جمالًا.
يتميز المسجد بتصميم معماري يجمع بين الطابع الشرقي والمغاربي بلمسة أندلسية، ما يجعله تحفة فنية فريدة.
يلفت المسجد الأنظار بمئذنتيه الشاهقتين اللتين يبلغ ارتفاع كل منهما 107 أمتار، وقبته الرئيسية التي يصل ارتفاعها إلى 65 مترًا وبقطر 20 مترًا، مما يضفي عليه هيبة ورونقًا خاصًا.
تصميم معماري فريد وزخارف مذهلة
عند دخول مسجد الأمير عبد القادر، تُبهر الزخارف الراقية التي تزين جدرانه الزائرين، وتبرز أضخم ثريا "نجفة" في الجزائر، والتي تضيف لمسة فاخرة على المكان. يقع المسجد في حي الأمير عبد القادر الراقي، بالقرب من الجامعة المركزية ومحطة التلفزيون الوطنية، ما يجعله من أهم المعالم السياحية والدينية في قسنطينة.
مساحة هائلة ومرافق متكاملة
يشغل مسجد الأمير عبد القادر مساحة إجمالية تبلغ 130 ألف متر مربع، منها 100 ألف متر مربع للبناء، مما يجعله أحد أكبر المساجد في الجزائر وأفريقيا. ويتسع المسجد لـ 15 ألف مصلٍ داخل قاعته الرئيسية، بالإضافة إلى الآلاف الذين يمكنهم أداء الصلاة في الساحة الخارجية الواسعة. كما يضم المسجد جامعة العلوم الإسلامية ومدرسة قرآنية مخصصة لحفظ القرآن الكريم وتفسيره.
هدية ملكية وتصميم مصري
من أبرز معالم مسجد الأمير عبد القادر المنبر الفاخر الذي أهداه الملك المغربي الراحل الحسن الثاني للجزائر، ما يعكس عمق الروابط بين البلدين. يتميز المسجد بخمسة أبواب ضخمة تؤدي إلى صحنه الفسيح، حيث تتداخل العمارة الشرقية والمغاربية بتناغم بديع.
وضع تصميم مسجد الأمير عبد القادر المهندس المصري الشهير مصطفى موسى، الذي كان يعمل في الرئاسة الجزائرية. وقد جاء هذا المشروع ثمرة تعاون بين معماريين من مصر والمغرب، إلى جانب المساهمة الكبيرة من المهندسين والفنيين والعمال الجزائريين.
مسيرة بناء استمرت 25 عامًا
بدأت فكرة بناء مسجد الأمير عبد القادر عام 1968، عندما اقترح أعيان قسنطينة تحويل ساحة للعب الكرة الحديدية إلى مسجد. واجه المشروع تحديات مالية، ما دفعهم للجوء إلى الرئيس الراحل هواري بومدين، الذي وافق على الفكرة في ليلة 27 من رمضان.
بعد مراجعة تصاميم عديدة، تم اختيار تصميم المهندس مصطفى موسى، وبدأت أعمال البناء عام 1969. استغرق بناء مسجد الأمير عبد القادر 25 عامًا، ليكتمل في عام 1994، ويصبح أحد أعظم المعالم الإسلامية في شمال أفريقيا.
مسجد الأمير عبد القادر.. رمز للهوية الإسلامية
يمثل مسجد الأمير عبد القادر في قسنطينة رمزًا للهوية الإسلامية ووجهة للزوار من مختلف أنحاء العالم. يجمع المسجد بين الطابع الشرقي والمغاربي بتصميم معماري فريد، ويعد شاهدًا حيًا على الإبداع المعماري والتعاون العربي في بناء المعالم الإسلامية الكبرى.