الذكاء الاصطناعي والجواسيس.. ملامح استراتيجية إسرائيلية جديدة في لبنان

استعرض موقع «Nziv»، الإسرائيلي ملامح استيراتيجية إسرائيلية جديدة قد تكون تشكلت بشكل رئيسي في حربها مع لبنان التي بدأت مع هجمات حزب الله اللبناني بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023.
ووفقًا لما ذكره الموقع المتخصص بالشؤون العسكرية، فإنه ظل إعلان وقف إطلاق النار في لبنان، يستمر تأثير العمليات العسكرية الإسرائيلية في السماء، حيث تواصل الطائرات الإسرائيلية بدون طيار تنفيذ ضربات دقيقة كان لها تأثير مدمر ليس فقط على الترسانة العسكرية لحزب الله، بل على هيكل قيادته بأسره.
وفي الوقت الذي يخضع فيه حزب الله لهذه الضربات القاتلة، تتوالى الأسئلة: كيف تتمكن إسرائيل من تحقيق هذه الدقة المدمرة في ضرب أهدافها؟ هل هو مجرد تقدم تكنولوجي محض، مثل الذكاء الاصطناعي والطائرات بدون طيار؟ أم أن هناك شيئًا أعمق وأخطر؟ هل يتم استغلال التسلل البشري إلى صفوف حزب الله لتسهيل هذه الهجمات؟ وما هي الاستراتيجية والأهداف الإسرائيلية في هذه العمليات؟
ملامح استراتيجية إسرائيلية جديدة في لبنان
عملية تلو الأخرى، أصبحت الرسالة واضحة: اليد الإسرائيلية طويلة بما يكفي للوصول إلى أي نقطة في لبنان، والعين الإسرائيلية ترى ما ينبغي أن يبقى مخفيًا. وفي هذا السياق، وصف العميد المتقاعد جورج نادر، القائد السابق للكتيبة المجوقلة في الجيش اللبناني، العمليات الإسرائيلية الأخيرة بأنها "معقدة للغاية، وتعتمد على مزيج نادر من التكنولوجيا المتقدمة والتسلل الاستخباراتي البشري".
وأضاف قائلاً: "تحديد هوية القادة الجدد الذين حلوا محل الذين تمت إقالتهم تم باستخدام تقنيات متطورة تشمل التعرف على الصوت والوجه". وأكد نادر أن "الإجابة عن كيفية حصول إسرائيل على هذه المعلومات بسيطة: إنها نتاج التسلل البشري الفعال".
وأكمل نادر حديثه موضحًا أن حتى الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، الذي يشتهر بإجراءاته الأمنية المشددة وإقامته في أماكن محصنة، لم يكن بمنأى عن محاولات المراقبة. وأشار إلى تقارير استخباراتية دولية أفادت بأن تسلل أحد العملاء إلى دائرة نصر الله المقربة ساعد في تحديد مكانه، مما يعكس مستوى عميقًا من التسلل داخل صفوف حزب الله.
نظام التصفية المتطور
وفي رأي نادر، ما نشهده حاليًا هو "نظام تصفية متطور متعدد الأبعاد"، يجمع بين الذكاء الاصطناعي، التكنولوجيا المتقدمة، والعمل البشري الدقيق. وهذا التحالف بين هذه العناصر الثلاثة يفسر النجاح الكبير للعمليات الإسرائيلية الأخيرة، وتأثيرها العميق على بنية حزب الله، سواء من الناحية العملية أو المعنوية.
من جانبه، يرى الباحث في الشؤون السياسية نضال السبع، أن هذه الهجمات تُظهر مزيجًا من التفوق التقني الإسرائيلي واختراق أجهزة الأمن الداخلي لحزب الله. ويعتقد السبع أن "إسرائيل تمتلك قائمة أهداف واضحة تقوم بمعالجتها بشكل مستمر، وذلك بناءً على معلومات دقيقة يتم تحديثها باستمرار، مما يتيح لها تنفيذ عمليات سريعة ومدروسة بعناية".
وأضاف السبع أن هذا الأسلوب يتيح لإسرائيل استغلال نقاط الضعف في حزب الله، أو تجاوز قدراته على منع العمليات الهجومية.
الصمت والعجز: حقيقة الوضع داخل حزب الله
ورغم الهجمات المتواصلة التي يتعرض لها حزب الله منذ 27 نوفمبر الماضي، والتي أودت بحياة العديد من كبار قادته، إلا أن الحزب لم يرد. ويرى نادر، أن هذا الصمت يعود إلى "ضعف حقيقي في قدرة حزب الله على الرد، وليس إلى خيار استراتيجي خاطئ".
وأضاف: "ليس بالضرورة أن حزب الله لا يريد الرد، لكن الحقيقة هي أنه لم يعد يملك القدرة على ذلك. يعاني من تراجع كبير في قدراته العملياتية وتصدع في بنيته القيادية، إلى جانب الحصار السياسي الداخلي والخارجي المتزايد".
وأوضح نادر، أن "حتى إذا قرر حزب الله الرد، فماذا يستطيع أن يفعل فعليًا؟ هل لديه القدرة على تنفيذ عملية نوعية تُحدث أثراً؟ تشير آخر المعطيات إلى أن هذه القدرة شبه معدومة، لا سيما بعد فقدانه للغطاء السياسي الذي وفره له عدد من حلفائه، ومع تزايد عزلته على الصعيدين العربي والدولي".
وفي هذا السياق، يختتم نادر قائلاً: "تصريحات حزب الله تعكس حالة من التردد والارتباك. تارة يتحدث عن التزامه بقرارات الدولة، وأحيانًا أخرى يهدد بالرد، لكن الواقع الميداني يُنبئ بأنه في وضع حرج: محاصر سياسيًا، عاجز عسكريًا، وأي مغامرة جديدة قد تكلفه غاليًا.. وهو يدرك ذلك جيدًا".
أما السبع، فيرى أن حزب الله "لا يسعى للرد الآن"، بل يركز على "مرحلة التقييم وإعادة الانتشار". وأضاف أن "حزب الله رغم الخسائر، لا يزال يمتلك وجودًا عسكريًا كبيرًا، يفوق في بعض النواحي قدرات الجيش اللبناني نفسه". ولكنه أشار إلى أن حزب الله "يدرك حساسيات الوضع الداخلي اللبناني والحساسيات الدولية، خاصة مع قطع خطوط إمداده من سوريا، وهو ما يدفعه إلى تأجيل اتخاذ قرار المواجهة في الوقت الحالي".